مشردو إيران غياب الاهتمام الرسمي فاقم معاناتهم

إذا ما قررت الذهاب إلى إيران، فربما لن يفاجئك فيها شيء أكثر من عدد المشردين المنتشرين في شوارع طهران والتي يلحظها أي شخص بسهولة، فيما تنشغل الحكومة الإيرانية بدعم الإرهاب والتسليح.

الأرقام الرسمية التي أعلنها مسؤولون إيرانيون تقول إن “أكثر من 15 ألف إيراني يعيشون بلا مأوى في شوارع العاصمة طهران، بينهم نحو خمسة آلاف امرأة، وكلهم عرضة للجرائم والقتل والأمراض”، فيما لا تأبه الحكومة الإيرانية بالأمراض الاجتماعية التي تنشأ في مجتمعها.

هؤلاء المشردون من شرائح ومشارب اجتماعية مختلفة، فمنهم من دفعه الفقر والظروف المعيشية والعوز إلى الشارع ومنهم من ولد أصلاً بالشارع ومنهم من كان ذو قيمة ومكانة بالمجتمع لكن عدم الاهتمام الحكومي بأبناء المجتمع دفعهم إلى الشارع وفاقم من معاناتهم، فضلاً عن كونهم يتوزعون ما بين فئات عمرية مختلفة فمنهم من هم أطفال ومنهم من هم في سن متقدمة.

ويعترف مسؤولون حكوميون ورسميون أن استشراء الفساد في الحكومة الإيرانية هو ما دفع إلى تفاقم هذه الظاهرة التي أصبحت واضحة في طهران، ويمكن أن تنتقل بسهولة إلى المدن الإيرانية الأخرى في ظل فشل واضح بالسياسات الحكومية الإيرانية من جهة، والرغبة في تعزيز هذا الفشل من ناحية أخرى، من أجل توفير المال لخدمة أهداف أخرى أهمها التسليح ودعم المنظمات الإرهابية.

وكما يقول مراقبون، إن “إيران يمكن لها أن تدعم الإرهاب بالمليارات، وأن لا تقدم لأبناء شعبها الكادح ما يكفيهم لسد رمق العيش”، فضلاً عن وجود فراغ تشريعي يضمن لهذه الفئة إنسانيتها ويضمن وضعهم في مصحات نفسية واجتماعية تمكنهم من العيش بكرامة.

انتشار المشردين في العاصمة الإيرانية طهران، أدى إلى انتشار آفات اجتماعية أخرى، أكبر وأوسع نطاقاً، فانتشار المخدرات أصبح واضحاً في العاصمة الإيرانية طهران، فضلاً عن جرائم الاعتداء الجنسية على الأطفال لا سيما من فئة أطفال الشوارع، كما يقول علماء اجتماع طالبوا السلطات الإيرانية بالالتفات إلى المجتمع الإيراني، والابتعاد عن خوض حروب لا قيمة لها ولا جدوى.

وتؤكد الدراسات والتقارير الحقوقية التي نفذتها لجان سرية في إيران، أن المخدرات والانحراف والجرائم بكل أنواعها هي العناصر التي تؤسس لحياة هؤلاء المشردين، لا سيما في المدن الكبرى مثل العاصمة الإيرانية طهران.

في المقابل تدعو جماعات خاصة انطلقت بسبب ضعف دور الحكومة الإيرانية في معالجة آفة التشرد إلى جمع أكبر عدد من المتطوعين من أجل علاج هذه الآفة وتخليص البلاد منها، لا سيما وأنها لا تحتاج إلى دعم مالي فقط بل دعم عملي وأشخاص يتطوعون لمساعدتها.

الغياب في الاستراتيجيات هو الذي دفع المنتمين إلى هذه المنظمات من أجل مكافحة هذه الظاهرة، لكن ذلك، وفق مراقبين لا يغني عن دور الدولة في مكافحة ظاهرة التشرد التي أصبحت سمة للعاصمة الإيرانية طهران من ناحية، وفاقمت أمراضاً اجتماعية جمة من ناحية أخرى.

مدير في شركة إعلانية في طهران روى تجربته لصحيفة “الغارديان” البريطانية، قائلاً “توجهت برفقة أفراد عائلتي إلى حي هرندي في جنوب طهران أحد مقرات التجمعات الرئيسية للمشردين في العاصمة الإيرانية، وكان معنا وجبات طعام للمشردين، وعند وصولنا ذهلنا، توجهت صوب شخصين لأضع وعاء الطعام بجانبهما فأدركت أنهما فارقا الحياة”.

الآفة المنتشرة في إيران لا يمكن حلها إلا بسياسات حكومية فاعلة، وليست سياسات حكومية “فاشلة” كتلك التي تنتهجها السياسة الإيرانية، حيث تتخلى عن طموحاتها في دعم الإرهاب بالعالم العربي، وتدعم أبناء المجتمع الإيراني الذين يعانون اليوم أكثر من أي وقت مضى من انتشار الفقر والفساد والجرائم والانحلال الأخلاقي، على مرأى ومسمع من حكومتهم.

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق