آفة التدخين تجتاح النساء في إيران

حتى عام 1962 كانت المرأة في المجتمع الإيراني تعد من سقط المتاع، وكان القانون الإيراني يعامل المرأة باعتبارها من نفس طبقة الأقليات والمجرمين والمختلين عقلياً، ولم يكن من حق المرأة أن تدلي بصوتها في الانتخابات أو تحصل على وظائف عامة، ولم يكن يسمح لها بحضانة أطفالها، ولا يمكنها العمل أو الزواج دون الحصول على إذن ولي أمرها الذكر، ويمكن أن يتم تطليقها في أية لحظة بعلمها أو دون علمها مسبقاً، ويمكن أن تفاجأ بوجود زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة في منزلها في أية لحظة دون أن تجد عوناً قانونياً أو مالياً أو عاطفياً يساندها، ولا يمكن للمرأة أن تصبح وصية على أطفالها حتى بعد وفاة الأب.

ومع مجيء الخميني إلى إيران وتسلط الملالي على سدة الحكم وسيطرة النزعة الصفوية، صار وضع المرأة أسوأ من ذي قبل، فقد اتجهت سياسات الدولة الإيرانية نحو نشر وتصدير الفساد خارج إيران، بقصد الإضرار بشكل مباشر بالمجتمعات العربية، ولكن المثل العربي يقول: من حفر لأخيه حفرة وقع فيها، وهكذا كان… فقد وقعت إيران في شر أعمالها فقد انتشر الفساد فيها واستشرى العنف وعمت الجريمة، وازدادت وطأة الأمراض الاجتماعية، وتحول المجتمع الإيراني إلى ما يمكن تشبيهه بغابة يبطش فيها القوي بالضعيف، وفي ظل هذه الظروف القاسية هربت المرأة الإيرانية إلى التدخين تنفيساً عن معاناتها المريرة، ولجأت إلى السجائر والشيشة أو ما تسمى بالنارجيلة، لإخراج عفريت الهموم والمعاناة الزائدة المقيمة بصدرها.

 وفي تتبع لبعض الإحصائيات العالمية سوف نجد أن النساء يشكلن نحو 20 بالمائة من بين مليار مدخن في العالم، ويتم استهدافهن من قبل شركات التبغ لتوسيع دائرة المدمنين وضمان زيادة استهلاك منتجاتها، بما يمكن من استبدال ما يقرب من نصف المدخنين الحاليين المهددين بالموت قبل أوانهم، بسبب أمراض ناتجة عن التدخين بين النساء، منها اضطراب الحمل والولادة، ورغم أن إيران تسعى لمحاربة آفة التدخين كما تسعى كل دولة بطريقتها الخاصة لمحاربة التدخين، إلا أنها فشلت في الحد من انتشاره، رغم قراراتها مؤخراً حرمان المدخنين من الوظائف التنفيذية العليا في الدولة.

ولكن الذي يحدث اليوم هو اجتياح آفة التدخين المنازل والبيوت الإيرانية، بعدما كان مقتصراً على المقاهي وبعض المطاعم، حتى صار تداول الشيشة (النارجيلة) بين أفراد الأسرة حدثاً يومياً معتاداً. وبينما تحتل السيجارة المكان الأول في الاستهلاك في إيران بين منتجات التدخين، نرى أن أساليب تدخين أخرى بدأت تحتل موقعها في سلم اهتمام المدمن الإيراني مثل (الشيشة) و(التبغ الممضوغ)، إضافة إلى السجائر المخلوطة بالمواد المخدرة، ويقتل التدخين حوالي نحو خمسة ملايين شخص في العالم كل سنة، وبحسب استطلاعات منظمة الصحة العالمية فإن المتوقع أن يؤدي التدخين بحياة نحو ثمانية ملايين شخص سنوياً عام 2030.

 لقد أضحى التدخين منتشراً بصورة مفجعة بين الإيرانيات في شكل غير نمطي يثير الريبة والاهتمام هناك، وهو ما دفع الأطباء الإيرانيين إلى التحذير من العواقب غير الصحية لهذه الظاهرة القاتلة، ناهيك عن الضرر الذي تسببه آفة التبغ في الإصابة بالسرطانات، إضافة إلى إفرازه حزمة أمراض تؤثر على صحة النساء بشكل أكبر مقارنة بالرجال.

وتشير بيانات رسمية إلى أن نسبة التدخين عند العنصر النسوي من جميع الفئات العمرية في إيران، تصل إلى نسبة 12 بالمائة، بيد أنّ مراجع علمية ترى أنّ النسبة الحقيقية تتعدّى ذلك بكثير، خصوصاً مع طابع التكتم والسرية الذي كانت تلتزم به بنات حواء في ممارستهنّ للتدخين، ومع ذلك يبقى نطاق المدخنات محدوداً إذا ما قورن بنسبة التدخين العالية بين الرجال.

وصار عادياً جداً تخصيص مقاه حديثة في طهران العاصمة على سبيل المثال، فضاءات مخصصة ومريحة للبنات المدخنات، وغالبيتهنّ من حديثات السن، وبشكل خاص المراهقات.

وتقول الباحثة الإيرانية مريم حافظي: إنّ التدخين يؤثر على صحة المرأة أكثر من الرجل بحكم الطبيعة الهرمونية للأنثى، ومن ثمّ فهذه العادة السيئة تؤثر على الحمل والجنين، ناهيك عن إنتاجها مختلف أنواع السرطانات.

وتسجل مريم حافظي وفق تحقيق ميداني، أنّ الإناث اللواتي تتراوح أعمارهنّ بين 15 و24 سنة، هنّ الأكثر استهلاكاً للسجائر بين النساء، إذ يشكلّن 12 بالمائة من مجموع المدخنّات.

وتوصلت الدراسة ذاتها إلى أنّ الفتيات اللواتي شرعنّ في التدخين بصفة عامة في سن الخامسة عشر، يبلغن فقدان السيطرة على أنفسهن عند بلوغهن العشرين بمواظبتهنّ على التدخين يومياً، علماً أنّ نصف المدخنّات الإيرانيات يتحولنّ إلى مدمنات للمخدرات في سن التاسعة عشر.

 ويعدّد الدكتور محمود مشهدي مضار مضاعفات السجائر لدى الحوامل الإيرانيات، إذ يتزايد خطر الاجهاض عندهن والحمل خارج الرحم، مثلما يتسبب في إصابة الأجنة وتأثرها بغاز الكربون والنيكوتين من خلال الأمهات المدخنات، فضلاً عن ارتفاع احتمالات ولادة الرضع قبل الأوان وإصابتهم بتأخيرات في النمو في حال تدخين الإيرانيات الحوامل الشيشة.

هذه بعض معالم الفساد والانحلال الخلقي في إيران نتيجة انتشار تدخين الشيشة أو النارجيلة بين النساء، وهو دليل على أنه فساد واسع في إيران في ظل حكم الملالي والمعممين الصفويين، وهو يدل على اقتراب ثورة ثانية تحرر الشعب الإيراني من هذا الفساد والاستبداد.

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق