هل حان الوقت لتفكيك ميليشيات الحشد الشعبي؟

شكل تحالف الصدر والعبادي الكتلة الأكبر التي تضم أكثر من 187 نائبا من 22 قائمة انتخابية تحت اسم الإصلاح والبناء عابرة للطائفية والمحاصصة قبل انعقاد جلسة مجلس البرلمان في 3/9/2018 التي انسحب من الجلسة التي عقدت كتلة الفتح بقيادة هادي العامري وكتلة دولة القانون بقيادة نوري المالكي، بعدما أعلن العبادي في خطابه بقوله أننا لن نجازف بمصالح شعبنا إرضاء لإيران، كما انتقد العبادي الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الإيرانية فيما يخص إمدادات المياه إلى العراق، وقال ليس من حق أي دولة جارة أن تقطع مياه نهر الكارون عن شط العرب، وأكد كذلك في خطابه بأنه لن يسمح بوجود سلاح خارج يد الدولة، وهو قرار وطني.

يثبت العراق بأنه ليس لبنان، رغم أن العامري والمالكي عقد مؤتمرا صحفيا في وقت متأخر من الأحد ليلة انعقاد البرلمان بأن لديهما أكبر كتلة برلمانية تضم 145 مقعدا، ما جعل قيس الخزعلي  يصرح بقوله لا تستعجلوا.. العبرة بمن يضحك أخيرا، أتى هذا التصريح بعد مضامين خطاب العبادي بأن لا بديل عن سلطة الدولة ولا مجال للسلاح خارج نطاق الدولة، ولا تعلو أي راية فوق راية العراق، ويجب أن تتسلم الحكومة المقبلة دولة موحدة، وبناء علاقات إقليمية ودولية سليمة قائمة على التعاون واحترام السيادة وعدم التدخل في شؤون الدول.

تحرك رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الواثق بالنفس ومارس مهامه التنفيذية بكل أريحية بعد تشكيل الكتلة الأكبر، ولأول مرة يتقدم للبرلمان كتلين الأكبر والكبيرة، ووفق القانون الذي شرعته دولة القانون عام 2010 بأن الكتلة الأكبر هي التي تشكل الحكومة، فإنه اليوم ينطبق القرار على كتلة الإصلاح والبناء التي شكلها الصدر والعبادي ، وليس تحالف البناء الذي تشكل من فتح ودولة القانون.

وبعد الانتخابات استطاعت كتلة سائرون بقيادة الصدر التي لم تضع أي فيتو على انضمام أي مكون من المكونات العراقية إلى كتلتها فقط وضعت الفيتو على أشخاص معينة مثل المالكي وهي الأولى في طرح وتجاوز العرقية والمذهبية والطائفية والمحاصصية من أجل طرح المشروع الوطني المتحرر من الضغوط الخارجية مما شكلت انعطافة كبرى وأصبح برنامجها السياسي المطروح من خلال مسماها الإصلاح والبناء.

 ما جعل كتلة المالكي وفتح تسمي كتلتها بكتلة البناء مستعيرة أسمها من اسم الكتلة الأكبر، وهي تهدد بإسقاط الكتلة الأكبر داخل البرلمان من أنها هي الكتلة الأكبر بسبب أنها تمتلك توقيعات الأعضاء وليس توقيع الكتل كما في كتلة الإصلاح والبناء، لكنهم نسو أنهم في عام 2014 وقعت الكتل بتشكيل الكتلة الأكبر دون توقيع الأعضاء وهو ما سيفسر هذا الخلاف المحكمة الدستورية وفق ما سطرته يد كتلة المالكي.

في خطوة استباقية أطاح العبادي بفالح الفياض قائد الحشد الشعبي بسبب أسماء وهمية، خصوصا وأن مالية الحشد السابق قاسم ضيف اغتيل على خلفية عدم تنفيذه أوامر نائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بعد إصراره على تدقيق جميع الملفات من أسماء المنتسبين وحتى ملف شراء الأسلحة والعتاد وإلى الآن لم يكشف عن مصير تقرير اللجنة المكلفة بالبحث عن حيثيات مقتل ضيف فيما تم تكليف حسين قانونية بإدارة مالية الحشد لولائه إلى إيران.

الهدف الأبعد في التوجهات السياسية الطائفية الهادفة إلى خلق بديل عن الجيش العراقي والهيمنة على مقاليد السلطة السياسية مثلما هو حال الحرس الثوري الإيراني بأن تبقى اليد الطائفية هي الضاربة لمعاقبة أي معارض، لكن انسحاب ترمب من الاتفاق النووي قلب الطاولة على إيران، وقدمت الولايات المتحدة دعمها الكامل لتحرير العراق الكامل من إيران، بعدما كانت الولايات المتحدة تتوصل مع إيران إلى توافقات وتفاهمات فيما بينها وبين إيران على تسمية رئيس الوزراء العراقي، هذا إلى جانب الدعم المقدم من السعودية للصدر عند زيارته من أجل استقلال القرار العراقي وتقديم الدعم اللازم، من أجل التخلص من التخندق الطائفي بالطرق السلمية وليس عن طريق المليشيات والتنظيمات العسكرية التي تدعمها إيران خصوصا بعد القضاء على داعش.

جاء تشكيل الحشد الشعبي بعد فتوى السيستاني في 13 يونيو 2014 ولكن الفتوى كانت من ممثل المرجعية عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة بتوضيح مضامين الفتوى بأن على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح دفاعا عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم للانخراط في القوات الأمنية، والفتوى كانت موجه لجميع مكونات الشعب وليس على أساس مكون طائفي واحد كما شكلها الحشد الشعبي الذي يعلن ولاؤه لإيران.

الخطر الأكبر الذي نتج عن الحشد الشعبي التوجهات السياسية الطائفية الهادفة إلى خلق بديل عن الجيش العراقي والهيمنة على مقاليد السلطة السياسية مثلما هو حال الحرس الثوري الإيراني، والمشكلة الأكبر أنهم تصرفوا بشكل مستقل عن قيادة القائد العام للقوات المسلحة على الرغم من أن القسم الأكبر من البرلمان شيعي ولم يمتثل لقرار البرلمان الذي اقر بأن الحشد الشعبي جزء من القوات المسلحة العراقية مما يعرض حياة المواطنين للخطر ووحدة البلاد إلى التقسيم الطائفي.

قضية تسيس الحشد الشعبي ما جعل العبادي يرفض أن تكون الأحزاب السياسية داخل الحشد، وشدد على الخروج من المدن، إضافة للدعوة الوطنية الملحة من أجل إعادة هيكلة الحشد الشعبي في العراق تنظيما وقيادة ودمجه بالقوات المسلحة العراقية وتوحيد القرار العسكري وفق مفاهيم المصلحة الوطنية.

د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق