فوضى التزوير العلمي والسياسي في إيران

تنتشر في إيران ظاهرة تزوير الشهادات والتراخيص بشتى أنواعها، العلمية والمهنية وحتى التخصصية، وهي مشكلة كثيراً ما حذر منها العديد من المسؤولين في إيران لما لها من آثار سلبية خطيرة ومتشعبة على سلامة المجتمعات والدولة من الناحية المهنية والعلمية، وقد استفحل الأمر في تزوير الشهادات في طهران حتى وصل إلى الأطباء والمهندسين، ولكن يبقى تزوير الشهادات التعليمية والأكاديمية الأكثر انتشاراً في إيران.

وفي آخر فضيحة تزوير للشهادات والوثائق، أعلن عنها نائب وزير التربية والتعليم الإيراني “علي زرافشان”، فقد تم الكشف عن مليون شهادة تعليمية “ثانوية” مزورة في إيران خلال العام الماضي فقط، وأضاف زرفشان أن الشهادة التعليمية تزور مثلها مثل أي شهادة ذات أهمية، وطالب المسؤولين بغلق الطريق أمام المزورين للحد من هذه الظاهرة السلبية واسعة الانتشار، وبالإضافة إلى إعلان “زرفشان” هذا الخبر، فإن وزير التربية والتعليم “علي أصغر فاني” قد تحدث عن هذا الموضوع في السنة الماضية وحذر منه، واعتبر أن العقاب البدني وتزوير الشهادات والفساد المالي لدى بعض مديري المدارس هي من أهم المشاكل التي يعاني منها قطاع التربية والتعليم في إيران، كما يعترف مسؤولو التربية والتعليم أن هذه الظاهرة (تزوير الشهادات الثانوية) منتشرة بشكل واسع في المدارس، لدرجة أنه أصبح من غير الممكن منعها أو التخلص منها أو حتى الحد منها.

لقد اشتهرت إيران منذ عقود بتزوير الشهادات وخاصة الجامعية حتى امتد الأمر إلى دخول هذه الشهادات المزورة إلى البلدان المجاورة والمتاجرة بها وخاصة في العراق، حتى أصبحت ظاهرة تزوير الشهادات في العراق من أبرز مظاهر الأحزاب المتنفذة في السلطة وذلك عبر توظيف أكبر قدر من أعضائها في المؤسسات الحكومية والأمنية وخاصة وزارتي الدفاع والداخلية، وقد ضلعت إيران في هذه الكارثة بشكل مباشر من خلال تزويد العديد من الموالين لها بشهادات مزورة من الجامعات الإيرانية بغية توظيفهم وإيصالهم إلى مؤسسات السلطة التنفيذية ليكونوا بصائص النظام الإيراني في العراق، وهو ما أثار ردة فعل بعض المسؤولين التربويين في العراق والذين طالبوا بوقف اعتماد الشهادات الإيرانية.  

وقد أشارت مجلة “سينس” العلمية في تقرير لها نشرته مؤخراً إلى ارتفاع معدل التزوير في مقالات وبحوث الباحثين ورسائل التخرج للطلاب في ايران، وأظهرت نتائج البحث أن هناك 164 مقالة مزورة من بين مجموع 1054 مقالة مثبتة من قبل باحثين إيرانيين، وبهذا تحتل ايران المرتبة الخامسة عشرة في إصدار البحوث المزورة.

كما أكد مساعد وزير العلوم الإيراني “وحيد أحمد” ازدياد ظاهرة البحوث العلمية ورسائل التخرج المزورة، مطالباً بوضع القوانين الضرورية التي من شأنها الحد من ظاهرة تزوير البحوث العلمية في إيران، وأضاف وحيد محاولاً التبرير: “ربما لا يعلم البعض المعايير التي تتحدث عنها مجلة ساينس حول التزوير، ولذا يرتكبون أخطاء تجعل مقالاتهم العلمية في صنف الأعمال المزورة”، وقد كانت الحكومة الإيرانية قد قدمت للبرلمان لائحة طالبت من خلالها بسن قوانين للتقليل من تزوير المواد العلمية وذلك عقب تحقيق في محتوى رسائل التخرج والبحوث العلمية.

ومن الأمور التي ساعدت في انتشار فوضى التزوير في إيران في كافة المجالات تلك الظروف المعيشية القاسية التي يعاني منها المواطن الإيراني، وكذلك اتخاذ العديد من المجموعات والشبكات التزوير مهنة يعتاشون منها ويجنون الأرباح بأقل الجهود، لا سيما أن العديد من هذه المجموعات تحتوي على مسؤولين متنفذين في الدوائر الحكومية يسهلون عملية التزوير من أجل قبض جزء من الأموال، ولم تقف فوضى التزوير على الشهادات الجامعية فحسب، بل امتدت إلى الوثائق الرسمية والمستندات والعقود والنقود وحتى البطاقات الشخصية وجوازات سفر، ودخلت عالم السياسة كشريك للأموال القذرة في تزوير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والبلدية، كما حدث عام 2009 عندما زورت الانتخابات لصالح الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وما أشيع أخيراً عن قيام العديد من أعضاء مجلس الشورى الإيراني باستخدام الأموال القذرة والتزوير للوصول إلى كراسي المجلس حسب ما صرح وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي.

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

 

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق