ظاهرة التحرش بالأطفال في إيران

إن حالة الشذوذ الجنسي في إيران ظاهرة اجتماعية بامتياز، يعود تاريخها للسلاطين والأمراء والعامة من الفرس القدامى، فهذه الظاهرة غالباً ما نجدها في وسط جغرافية إيران حيث المدن الفارسية كـ قزوين ويزد وشيراز، لا سيما مدينة قم وطهران، كما أن للشعراء الكبار من الفرس أمثال حافظ ومولانا وغيرهم قصائد غزلية توضح علاقة هؤلاء السلاطين والأمراء بالأطفال الذين كانوا معروفين في المجتمع الفارسي في تلك المراحل التاريخية وهي ليست ببعيدة، وتعرف بـ مصطلح “مغ بچه” ويعني بالعربية الأطفال بين الأعمار 8-13 سنة.

وبطبيعة الحال، عادة ما يكون الشعراء والكتاب مرآة الحالة الاجتماعية السائدة في مجتمعاتهم من خلال كتابة القصص والشعر، ومن هنا قد تكون هذه الظاهرة متجذرة بالمجتمع الفارسي منذ القدم. على الرغم من أنها منتشرة في كافة أنحاء العالم لكننا نجدها أيضاً بقوة في المجتمع الإيراني الحالي،كما أن الاحصائيات غير الرسمية تؤكد على انتشار هذه الظاهرة وخاصة المثلية في المدن الفارسية على نطاق واسع، ومن أهم هذه المدن الإيرانية التي تتواجد فيها هذه الشرائح من المجتمع الإيراني هي العاصمة طهران لوسعها الجغرافي وكثافتها السكانية مما تسهل حركة هذه الشرائح ونموها في آن واحد.

وبدون أدنى شك لهذه الظاهرة عدة جوانب منها نفسية وخلقية، كما أن لها أيضاً أسباباً أخرى، منها على سبيل المثال البيئة التي تساعد على ظهورها في المجتمعات، ففي المجتمع الإيراني قد تكون سياسات النظام الحالية هي المساعد الحقيقي لازدياد هذه الظاهرة حيث الكبت والتشدد الديني، وفصل النساء عن الرجال في أبسط الحالات بدءاً من التعليم المدرسي والجامعي مروراً بالمؤسسات والإدارات الحكومية مؤخراً، وذلك عندما فصل عمدة طهران محمد باقر قاليباف النساء عن الرجال في العمل ليتيح لهن -أي النساء- حرية أكثر حسب قوله!! كما قدم مشروع من هذا النوع من قبل نواب متشددين للمجلس للبت فيه لاعتماده في البلاد. ومن النماذج التي يعاني منها المجتمع الإيراني الحالي جراء سياسات النظام هي مقرات الباسيج المنتشرة في كافة نواحي البلاد، فهذه المقرات هي في الأساس لتجمع الشباب تحت سن البلوغ وفي العشرينيات من العمر، مما يتيح الفرصة لاستغلال الأطفال والتحرش بهم.

إنما الملفت في الأيام الماضية تصريح مظفر الوندي سكرتير المجلس الوطني لحقوق الطفل التابع لوزارة العدل في جمهورية إيران الإسلامية “لوكالة إيلنا” الإيرانية عن هذه الظاهرة النادرة والمنبوذة لدى المجتمعات بشكل عام، على إثر التحرش (ممارسة الجنس) لمدير إحدى المدراس الابتدائية في غرب طهران بمجموعة من الطلاب الصغار في المدرسة، حيث قال المسؤول الإيراني: “أنا اعتقد، لم تكن كافة الحالات (التحرش الجنسي من قبل المدير للأطفال) بالإجبار، إنما البعض منها كانت رغبة الطرفين (المدير والطفل)”!!

في واقع الأمر نستشف من تصريحات سكرتير المجلس الوطني لحقوق الطفل في إيران، إن المجتمع الإيراني فعلاً يعاني من جملة مشاكل اجتماعية بنيوية حقيقية، فكيف لمسؤول رفيع المستوى في نظام إسلامي أن يصف اجرام مدير المدرسة بحق مجموعة من الأطفال الذين تم الاعتداء عليهم، أن التحرش الجنسي الذي حصل بين المدير والتلميذ برغبة الطريفين، وهل للطفل في الثامنة من العمر رغبة جنسية كما للمدير وهو في الثلاثينيات من العمر!!؟ ومن جانب أخر، فإن تقرير قسم الابحاث التابع لمجلس الشورى الإسلامي الإيراني (البرلمان) يشير إلى أن 24889 من أصل 141552 من طلاب المدارس في العاصمة طهران الذين شملهم الاستبيان، أي ما يعادل 17.5% من هؤلاء الطلاب هم مثليين جنسياً.

الجدير بالذكر أن الكثير من المختصين الاجتماعيين يعتقدون أن كثرة المثليين جنسياً في إيران مؤخراً يرجع للتفكير السائد حالياً بين الشباب، حيث تحول هذا إلى سلوك ونمط حياة يشبه الموضة لدى شريحة عريضة من المجتمع الإيراني على الرغم من الضغوط الاجتماعية الشديدة التي فرضتها السياسات الحكومية التي تستمد قوتها من الشريعة الإسلامية، حيث يرى آرشام بارسي رئيس منظمة المثليين الإيرانيين أن ارتفاع اعداد المثليين في إيران هو نتيجة للذين قرروا أن يخرجوا من الحالة السرية التي كانت تحيط بهم ويعلنوا عن وجودهم وحقوقهم كمثليين، ومقولة أن المثلية هي موضة في إيران، فهذا تصور خاطئ كلياً.

جمال عبيدي

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

الوسم : إيران

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق