في تحليل لما ورد في طيات الصحف الإيرانية حول المفاوضات النووية وأيضاً التطورات الإقليمية، نقرأ من توجهات تلك الصحف حالة التخبط الإيرانية التي تنعكس على صدر الصحف الإيرانية، فطهران القلقة من أن لا تتمكن من إتمام الاتفاق النووي تراه مرة في متناول اليد ثم بعيد المنال، ومرة أخرى “بين البينين” ثم تلجأ إلى التشكيك في الأمر برمته، وكأن شيئاً لم يحصل.

لكن واقع الحال أن إيران تتراكض إلى هذا الاتفاق لأنها تجد فيه باباً للخلاص من عقوبات قد تتسبب في انهيار النظام الإيراني من الداخل، خاصة مع حالة الاحتقان الشعبي، وبداية من قلق من نوع آخر إذ أنه فيما يبدو أن طهران خائفة من دول الخليج ككل، حيث تبدي طهران تخوفاً مما وصفته بشراء دول الخليج وتحديداً السعودية لسلاح نووي، وهذا ما تروج له صحف إيران على صفحاتها، مع أنه لا تأكيد حول هذه القضية رغم خصوصيتها بالنسبة للبلد المرتبطة به، إلا أنها لا تخرج عن كونها نوعاً من الدعاية التي تمارسها إيران ضد السعودية، خاصة بعد أن صفعت الأخيرة بمشاركة دول الخليج وما يعرف بالحلف العربي طهران في اليمن ومنعتها من تحقيق مآربها الخبيثة، وقد عنونت صحيفة آفريش “قرار السعودية لشراء أسلحة نووية من باكستان”، وتحت هذا العنوان تروج صحيفة “آفرينش” لهذا الكلام عبر نسبه إلى صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية التي قالت هي الأخرى أن السعودية اتخذت قراراً استراتيجياً يقضي إلى شراء سلاح نووي من باكستان، وأن دخول السعودية نادي النووي يعني دفع مصر وتركيا السير في نفس الاتجاه، هذه القصة لاقت رواجاً في صحف طهران لكن الملف النووي لا يزال في قمة الاهتمامات، إذ عنونت ذات الصحيفة “أمريكا: هناك احتمال التوصل إلى اتفاق جيد”، وتحت هذا العنوان أفادت صحيفة “آفرينش” أن وزير الدفاع الأمريكي السابق “روبرت غيتس” صرح بأن الخيار المناسب للبرنامج النووي هو التوصل إلى اتفاق وليس عن طريق الحرب، مؤكداً أن هناك احتمالية التوصل إلى اتفاق نووي جيد.

وليس بعيداً عن الملف النووي نقرأ عن أحلام إيرانية جاءت تحت عنوان “نأمل في التوصل إلى اتفاق قبل نهاية الوقت المقرر”، حيث اهتمت الصحف الإيرانية بنقل تصريحات كبير المفاوضين الإيرانيين “عباس عراقجي” حول المفاوضات الجارية بين بلاده والقوى الغربية والتي قال فيها: إننا نأمل أن نتوصل إلى اتفاق شامل قبل نهاية الموعد المقرر، وقد تمكنا من التوصل إلى اتفاقيات مبدئية في لوزان، ونتمنى التوصل إلى اتفاق شامل.

فيما تقول صحيفة أبرار “من غير المرجح التوصل إلى اتفاق مع إيران”، وتحت هذا العنوان نقلت صحيفة “أبرار” تصريحات أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية حول المفاوضات النووية خلال لقائها بالرئيس الإسرائيلي “رؤوفين ريفلين” والتي قالت فيها: إنه مع قرب انتهاء المدة المحددة للمفاوضات يبدو أن التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران أمر بعيد، ولكن التوصل لمثل هذا الاتفاق من شأنه أن يعوق تنمية القدرات النووية الإيرانية.

لكن صحيفة اعتماد أكثر تفاؤلاً إذ قالت “الاتفاق النووي في متناول اليد”، تحت هذا العنوان قالت الصحيفة: إنه مع انتهاء الجولة الثالثة من المفاوضات النووية فقد أكد عباس عراقجي كبير المفاوضين الإيرانيين أنه إذا توفرت الإرادة السياسية عند المجموعة السداسية فإنه من المحتمل التوصل إلى اتفاق نووي شامل قبل نهاية الزمن المقرر للمفاوضات نهاية حزيران، لكن المرشد الإيراني كعادته وجد في الملف النووي طريقة لنشر الـلاءات التي تفيد في حشد الشارع رغم عدم قيمتها أو جديدتها، حيث عنونت صحيفة اعتماد “المرشد: لن نسمح بالتفتيش أو الاستجواب”، تحت هذا العنوان نقلت صحيفة “اعتماد” تصريحات المرشد الإيراني على الخامنئي التي أدلى بها خلال مراسم تخرج طلاب عسكريين وأكد خلالها على أن بلاده لن تسمح بتفتيش مواقع عسكرية أو استجواب علمائها النوويين في إطار اتفاق نهائي بشأن البرنامج النووي، وقال: لن نذعن مطلقاً للضغوط، ولن نقبل مطالب غير معقولة، وأضاف أن طهران سبق أن أكدت مراراً أنها لن تسمح بقيام أي أجانب بتفتيش مواقع عسكرية، كما رفض السماح بإجراء مقابلات مع علماء إيران النوويين، معتبراً ذلك استجواباً لهم.

ويبقى القلق الإيراني الأعظم من الجمهوريين الذين يرون في طهران خطراً حقيقياً، وقد عنونت صحيفة آفرينش “خطاب الجمهوريين المثير للجدل ضد إيران”، وتحت هذا العنوان قالت الصحيفة: إن المرشحين الجمهوريين للانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام 2016 قد عقدوا مؤتمراً في ولاية ايوا، ووعدوا أنهم في حال وصولهم إلى الرئاسة فسوف يستخدمون سياسة متشددة إزاء محاربة داعش والبرنامج النووي الإيراني، وأضافت الصحيفة أنهم انتقدوا بشدة سياسات أوباما.

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث