الكفاح الأحوازي من النضال إلى الفوضى السياسية

دائماً ما يتبلور ويبدأ الكفاح الأحوازي ضد العدو الفارسي في بيئة أمنية وسرية شبه مطلقة، وينتهي به المطاف في أغلب الأحيان باستشهاد أصحابه أو اعتقالهم أو لجوئهم إلى المهجر، خوفاً من البطش والتنكيل. ويتميز هذا الكفاح في الأحواز بالسرية التامة وتركيز أصحابه على المبادئ والقيم والاخلاص والنزاهة، وأهم هاجس يؤرقهم ومعضلة يواجهونها، هي طريقة الحفاظ على سرية عملهم بعيداً عن أعين المخابرات وأدواتها المنتشرة في البلاد.

بينما عند لجوء المناضلين إلى المهجر، تنقلب بيئتهم رأساً على عقب، مثلما ينقلب كفاحهم وأهدافهم رأساً على عقب. ففي المهجر تكون بيئتهم مصاحبة للأمن والأمان المفقودان سابقاً، كما أنها منفتحة على جميع الآراء والأطروحات، وجاهزة للاحتكاك بمختلف الشخصيات، بغض النظر عن خلفياتهم أو واقعهم، مجتازة محظورات النضال في الأحواز.

من هنا تبدأ المشكلة، إذ ينحرف الكفاح الأحوازي من النضال والتركيز على القيم والمبادئ إلى السياسة الذرائعية واللا مبدئية والتركيز على المصالح. وعلى ضوء هذا، تتغير الأهداف والاستراتيجيات والسلوكيات ويعاد ترتيب الأولويات، وكل شيء يفقد معناه السابق، حتى وإن تغلف بمفهوم تحرير الأحواز. بل تغليف الأهداف والمشاريع بهذا المفهوم أصبح ضرورة لابد منها حتى تحافظ على شرعيتها وتجنب أصحابها الحد الممكن من الانتقادات أو المواجهات السياسية.

هذا الانتقال غير السوي من النضال إلى السياسة القريبة من الانتهازية، قد كلف القضية الأحوازية ثمناً باهظاً كان من الممكن تجنبه بتجنب الطبقة السياسية لهذا التحول الأقرب إلى السقوط والانحطاط الأخلاقي والقيمي، بيد أن “تجري الرياح بما لا تشتهي السفن” فواقع القضية الأحوازية عكس ما يتمناه الشعب الأحوازي.

ولكن بالرغم من كل هذه الفشل السياسي والانحدار، يبقى الأمل قائماً بقدر تقويم التنظيمات الأحوازية نفسها وسيرها على جادة الصواب شكلاً مضموناً.

إبراهيم الفاخر

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق