السعودية مسؤولة عن وقف استثمار واستغلال المتطرفين من المسلمين وتوظيفهم في مشاريع سياسية

ارتكب العالم عدة أخطاء نتيجة ربطه بقضايا معينة، مفترضا أنه بمجرد تسوية هذه القضايا سوف يتلاشى الإرهاب ويندثر، والخطأ الآخر هو تصنيف الإرهابيين وتفضيل فئة على الأخرى بل يصل إلى الاستعانة بطائفة ضد الأخرى وهو ما يجعل العالم يرفض تعريف الإرهاب بسبب استعانته بالإرهاب حتى لا يدين نفسه، ولكن اعترف العالم بأنه صورة وحشية من أبشع صور العنف السياسي.

بل ترى كثير من المشاريع السياسية أن الإرهاب وسيلة، أو شكلا من أشكال العمل، ومنذ لينين يعترف بأن الإرهاب وسيلة لتعزيز ثورته الوليدة، فأصدر مرسوم الرهائن الذي قنن للنظام الثوري اختطاف أطفال وزوجات مسؤولي الحكومة القيصرية واغتيالهم باعتباره وسيلة لنشر الإرهاب، مثلما كانت جماعة الإخوان المسلمين يتباهون ما بين أربعينات وخمسينات القرن الماضي أشد المباهاة باستخدام الإرهاب في خدمة القضايا المقدسة عندما كانت جماعة فدائي الإسلام في إيران، وهو ما دعا الشيخ القرضاوي إلى إصدار فتواه القاضية بجواز العمليات الانتحارية في فلسطين وعارضه في ذلك علماء السعودية، وأصبحت العمليات الانتحارية قلب الإرهاب، بل ارتبط مشروع  الثورة الخمينية بالإرهاب.

فمشروع داعش مشروع سياسي يجري توظيفه لخدمة الإثنى عشرية المهدي المنتظر، فكرته الأساسية محمد بن حسن العسكر الإمام الثاني عشر الذي اختفى في السرداب ينتظرونه ليملأ الأرض عدلا.

ومن أجل انتظار خروج المهدي حتى يملأ الأرض عدلا، أصبح البعض عدميا يهدد العمران ويوظف الإرهاب ظنا أن هذا سيعجل بمقدم المهدي، رغم أن من علماء الشيعة من ينقض هذه الأسطورة المختلقة والمفبركة ويعتبر أنه لم يولد أصلا، وفكرة الغيبة وفكرة المهدوية معتقدات تحولت إلى أساطير من أجل تنفيذ مشروع الإمبراطورية الفارسية التي قضت عليها الفتوحات الإسلامية، وبشكل خاص في عهد عمر بن الخطاب في معركة القادسية لذلك يعتبر عمر بن الخطاب ألد أعداء أصحاب استنساخ المشروع الفارسي، وهو أول استهداف لعمر بن الخطاب الذي قتل وهو يصلي في المسجد على يد أبو لؤلؤة انتقاما منه الذي أزال إمبراطورية فارس التاريخية.

إسقاط أحاديث المهدي وأحاديث الفتن من أجل أن تروج لأفكار عبثية من قبل الطائفتين الشيعية والسنية، خصوصا وأن أحاديث الفتن والملاحم ليس المقصود منها توقف الفعل البشري في نهاية الزمان، وتوقف العمل الإنساني عن الحياة البشرية، ويبدأ فصلا جديدا مقدرا ومرسوما سلفا.

 يعتبرونها خلاصية ومن يدعون إليها يستندون إلى فكرة الخلاص لعالم لا يستطيعون العيش فيه بنظرة سوداوية، بسبب أنهم اسقطوا أحاديث الفتن على أن الإسلام في حالة اقتتال مع الكفار، وأن الدين ضائع بسبب أن العولمة والعلمانية سيقضيان على هذا الدين، بحيث أن المسلم يتهيأ لمثل هذا الخلاص، بسبب أنه لم يعد أهل للحق، وهي نفس الفكرة التي يروج لها الانتحاريون، بينما هذه الاعتقادات الفاسدة تتعارض بشدة مع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم الساعة حتى يغرسها فليغرسها ) أي أن الإسلام يريد أن يكون الإنسان عاملا منتجا إلى آخر رمق في حياته يفترض أن ينطبق هذا الحديث أيضا على بقاء الدين أيضا ( ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله عز وجل بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين ) وأن يعمل به إلى أن يأتي اليقين وهو الموت ( فأعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) ( إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) ( يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا ) فاليأس من لوازم الكفر والقنوط من مظاهر الضلال، لذلك يتم البحث عن الانتحاريين المأزومين الذين لديهم استجابة سريعة لتنفيذ العمليات الانتحارية وفق فتاوى جاهزة ومبسترة.

لذلك ممن يتبعون استعادة الإمبراطورية الفارسية من الشيعة كعلي الحوراني الذي يسقط تلك الأحاديث على أحداث سوريا بأنها مخاض يتبعه ظهور المهدي، كما يعتبر المتطرفون من السنة أن الشيعة المتشددين روافض كذلك هو يسمي السنة بالنواصب الذين تحالفوا مع الصليبيين واليهود، وأن معركة المهدي ستكون في الشام.

جل أحاديث المهدي سواء عند السنة أو عند الشيعة مختلف فيها من العلماء منهم من حسنها ومنهم من صحح بعضها ومنهم من ردها كلها حيث يرون أن لا مهدي منتظر بعد النبي صلى الله عليه وسلم مستندين إلى حديث ( ولكن رسول الله وخاتم النبيين أنا الخاتم فلا نبي بعدي ) ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )، حيث لا يوجد حديث واحد في صحيحي البخاري ومسلم، يدل على أن قضية المهدي وما جاء في الترمذي وأبو داود حديث بن خلدون تتسم بالضعف والتي لا يمكن أن يبنى عليها حكم.

حيث ظهر أناس يدعون المهدية في السودان، وفي الحرم المكي مع بداية القرن الخامس عشر الهجري الذين احتلوا الحرم المكي واستحلوا الحرم المقدس واستحلوا الدماء، حيث بعض الناس ممن يؤمنون بتلك الأحاديث يترقبون أن يخسف الله بالجيش الذي يأتي ويقاتلهم كما ذكر في الأحاديث، ولو كانت أحاديث المهدي صحيحة فإنه لا يستحل الدماء والمقدسات.

هناك حديث حذيفة الذي يقول فيه الناس يسألون عن الخير وأنا أسأل عن الشر مخافة أن يدركني، وكان يسأل هل بعد هذا الخير من شر قال صلى الله عليه وسلم نعم قال: حذيفة هل بعد هذا الشر من خير قال صلى الله عليه وسلم نعم وفيه دخل، قال حذيفة وما دخله قال صلى الله عليه وسلم ( قوم يهدون بغير هدى، وتعرف منه وتنكر ) وقال صلى الله عليه وسلم أنه بعد ذلك  سيكون هناك دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، دعاة على أبواب جهنم فقالوا صفهم لنا قال صلى الله عليه وسلم ( هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ولكنهم يدعون إلى النار )، ففتاوى التكفير والقتل ينطبق عليهم هذا الحديث، ما نسميها بفتاوى الإنترنت أو فتاوى السوق السوداء.

والسكوت عن مثل تلك الفتاوى، وعدم ملاحقة أصحابها من قبل العلماء ستكون هذه الأمة مهددة بالهلاك، بل هناك بعض العلماء نظريون والإرهابيون عمليون، فقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم ( أنهلك وفينا الصالحون يا رسول الله ؟ قال نعم إذا كثر الخبث ) ولا يوجد خبث أكثر من فتاوى التكفير التي تقود إلى القتل حتى ولو كانت من علماء معروفون ومشهورين، وهو قمة الفساد، ويقلب المنكر المعروف، ويقلب الشر الخير، ويقلب الظلم العدل ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا ) أي عذبوهم واضطهدوهم ( والفتنة أشد من القتل ) ( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد ) ( ولو يشاء الله لأنتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض ) وفي الحديث ( سألت ربي ثلاث خصال فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألته أن لا يسلط على أمتي عدوا من غيرهم فأعطانها، وسألته أن لا يقتل أمتي بالسنة فأعطانها، وسألته أن لا يلبسن شيعا فأبى علي ) صحيح لغيره، وفي مسلم ( سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها ).

يدرك العالم أهمية المقدسات عند المسلمين، فعندما وصل القائد البريطاني اليهودي الأصل كرومر إلى مصر قال مقولة شهيرة ،جئت لأمحو ثلاثة، القرآن والكعبة والأزهر، حيث أن المسلمين مرتبطون بثلاث دوائر تمثل سياجا في الوصول إلى قلوب المسلمين وعقولهم هي القران والقبلتان الكعبة والمسجد الأقصى والمسجد النبوي والمؤسسات الشرعية المعتدلة.

تكفلت تل أبيب بتخريب بيت المقدس، بينما أخذ الحرس الثوري الذي أنشاه الخميني على عاتقه تطبيق المرحلة الثانية أي احتلال مكة والمدينة رغم أنه يتقاطع مع مشروع إسرائيل الكبرى الذي يمتد إلى المدينة المنورة، لكن مشروع الحرس الثوري يستند على روايات وأوهام وأساطير تاريخية غير مبنية على منطق علمي، لكنها في الباطن تحقق عودة الإمبراطورية الفارسية التي قضى عليها عمر بن الخطاب في معركة القادسية.

وبعد الثورة الخمينية 17/3/1979 ألقى الدكتور مهدي صادقي أحد رجالات الخميني في خطبة وصفت بأنها مهمة وخطيرة جاء فيها ( أصرح يا إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن مكة حرم الله يحتلها شرذمة أشد من اليهود )، كما أن هناك تصريح للخميني لجريدة كيهان في 4/8/1987 خاطب السعودية مهددا سوف يحاسبهم بعون الله في الوقت المناسب، كما هدد الرئيس الأسبق رفسنجاني السعودية باحتلال الحرمين الشريفين  لصحيفة اطلاعات في 14/12/1987 إذا كان علماء المسلمين غير مستعدين لتقبل مسؤولية إدارة مكة المكرمة فإن جمهورية إيران الإسلامية لديها الاستعداد للحرب من أجل تحرير هذا المكان المقدس.

وعندما فشلت إيران القيام بحرب مباشرة لجأت إلى الحرب بالوكالة عبر مشاريع سياسية فمستشار خامئي قال لن يظهر المهدي إلا بعد سفك دماء أهل الحجاز والعراق والسيطرة عليهما، وترى أنها سيطرت على العراق لم يتبقى سوى الحجاز، ومن بين علامات ظهور المهدي ظهور اليماني والسفياني والخرساني، فاليماني قائد اليمن عبد الملك الحوثي، والسفياني أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش، والخرساني تنظيم في سوريا.

ومن أساطير روايات الشيعة بأن المهدي يخرج من اليمن من قرية يقال لها كرعة وهي تقع قرب صعدة ( بحار الأنوار للمجلسي 380/52 )، لذلك نجح الحرس الثوري في تأجيج هذه الرواية عواطف منتظري خروج المهدي ساهمت في صعود نجم عبد الملك الحوثي زعيم حركة أنصار الله، وحسب الروايات كان ظهور المهدي عام 2015، ولكن انتهى العام ولم يظهر أي من تلك الإسقاطات، أي أن الإسقاطات التاريخية سقطت، وثبت بأن هذه الروايات مجرد أساطير وأكاذيب اختلقت، وهي آراء فاسدة ليفسدوا بها الدين الإسلامي والتي هي انقلاب على العقل والمنطق.

وفي 4 يوليو 2016 ألقت الكويت على صيد ثمين قيادي في داعش الملقب بأبي تراب تولى مسؤولية تشغيل حقول النفط  والغاز في الرقة كشف علاقة داعش بإيران ونظام الأسد، وأكد بأن قادة داعش هم عراقيون وكشف عن أسرار لم تكن معروفة.

ليست فقط إيران تلعب بورقة داعش بل حتى تركيا والولايات المتحدة، حيث أن تركيا تخشى من لعب الولايات المتحدة بالورقة الكردية للضغط على تركيا من أجل إقامة علاقات مع إسرائيل، كما أن تركيا ليست معنية بوقف توافد الجهاديين إلى داعش، وفي المقابل توافد المهاجرين إلى أوربا، ولن تكون بوابة حماية لأوربا، فيما أن أوربا ترفض انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوربي، وهو ما جعل الجميع يترك داعش يتوسع في المنطقة ويسيطر على حقول النفط والغاز من أجل تمويل عملياته، بل إن الولايات المتحدة ألقت أسلحة كما تدعي بالخطأ على داعش في شمال العراق، فيما كانت تريد إلقائها على الأكراد والمحاصرين للدفاع عن أنفسهم.

حينما وجدت تركيا أن توتر العلاقات مع روسيا بسبب ضرب الطائرة الروسية في الأجواء التركية من أجل تحقيق استراتيجية أمريكية من أجل أن تتحول تركيا إلى وسيط إقليمي لنقل الغاز من دول الشرق الأوسط إلى أوربا، لكنها لم تجد حماية لمصالحها بل وجدت أن الولايات المتحدة تنسق مع روسيا وتستخدم الأكراد ورقة في قتال داعش، خصوصا بعدما اتسعت رقعة الإرهاب في العالم خصوصا بعدما اتخذ من الساحة الأوربية لعملياته الإرهابية.

نجد أن تركيا غيرت من استراتيجيتها السابقة وأعادت العلاقات مع إسرائيل لإرضاء الولايات المتحدة لوقف استخدام الورقة الكردية، ومن جانب آخر أعادت العلاقات مع روسيا بعدما قدمت لروسيا اعتذارها عن إسقاط الطائرة الروسية، وبدأت مرحلة وقف المتسللين إلى داعش من تركيا أي قفل حدودها مع سوريا.

ما جعل الأراضي التركية ساحة جديدة للعمليات الداعشية بعدما كانت داعش ترفض استثارة تركيا، حيث تعتبر تركيا ممر عبور المجاهدين ومصدر الأسلحة، مثلما أن داعش لا يستهدف إيران بأي عمليات داخل أراضيه، رغم أنه يعلن عن استهداف الروافض والصليبيين والمرتدين، خصوصا وأنه يركز بشكل خاص على حكومة وجنود السعودية التي أصبحت ساحة جديدة لعمليات داعش بعد التضييق الذي فرضته الحكومة على جماعات داعش،  لم يتبقى للتنظيم سوى توظيف وتجنيد المأزومين الذين لديهم استعداد لإنهاء حياتهم تحت ستار الدين والدخول إلى الجنة، وبعض المتعاطفين الذين يؤيدون التنظيم، وممن لديهم استعداد للمشاركة خصوصا في العمليات الانتحارية التي تعتبر المرتكز الأساسي في عمليات داعش.

بعدما سمحت إيران لداعش بالسيطرة على الأراضي العراقية التي بدأتها بالسيطرة على الموصل ومناطق واسعة من العراق التي ربطتها بسوريا في عاصمة دولتهم في الرقة، استطاع داعش خلال هذه الفترة من زيادة خبرته في صناعة الأسلحة كبالون اختبار من قبل الولايات المتحدة حتى تتعرف على قدرات الجهاديين، وهناك بدايات لصناعة الصواريخ في الفلوجة التي تتواجد فيها المنشآت والمخابئ، والحصول على متطلبات هذه الصناعة من خلال شبكات لتسويق النفط الرخيص في تركيا وللنظام السوري والحصول على المواد الخام الداخلة في صناعة الأسلحة.

لكن بعد توجه الدول الإقليمية بدعم التحالف الدولي وبدأت الدول تتصارع على المناطق التي كان يسيطر عليها داعش، حيث نجد أن الحشد الشعبي في العراق مصمم الهيمنة على تلك المناطق، وكذلك في سوريا هناك صراع بين النظام السوري والأكراد والمعارضة السورية في السيطرة على تلك الأراضي، وهي تعني غياب أي أمل في حل سياسي حتى الآن في سوريا.

الجديد أن تركيا قامت بسياسة انعطافية أو انقلابية رأسا على عقب تفتح المجال أمام السعودية في لعب دور أكبر في رص الصفوف الإقليمية التي تتولاها السعودية منذ تشكيل التحالف العربي الذي قاد عاصفة الحزم في اليمن، وشكل التحالف الإسلامي لمحاربة كافة التنظيمات الإرهابية، وهو مستعد لإرسال قوات إلى سوريا لمقاتلة داعش، ولكنه لم يتلق ردا على هذا الطلب من الولايات المتحدة.

ما يمكن السعودية من قيادة مصالحة وتنسيق المواقف الإقليمية بين تركيا ومصر خصوصا بعدما اتجهت أنقرة إلى القبول ببقاء الأسد لفترة انتقالية قصيرة للتنسيق مع روسيا، حيث اتبعت تركيا مواقف الدول الأوربية من روسيا خصوصا ألمانيا وفرنسا وإيطاليا التي رفضت أن تشكل روسيا عدو للإتحاد الأوربي، بعدما قرر الناتو إرسال أربعة آلاف جندي إلى دول البلطيق وبولندا، في المقابل سلمت واشنطن الملف السوري إلى موسكو حسب مصادر فرنسية، وهي استراتيجية تعتمد على المقايضة وعتها السعودية مبكرا.

 ونتيجة الضغط السعودي على إدارة أوباما بعد الاتفاق النووي مع إيران صادق مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون يمنع بيع الطائرات الأمريكية لإيران، في خطوة من شأنها أن تقوض اتفاقا أبرمته شركة بوينغ الأمريكية مع إيران بقيمة 25 مليار دولار، فيما اعتبرت إيران أن المصادقة تتعارض مع الاتفاق النووي، بل اعتبرت الأمم المتحدة اختبارات الصواريخ البالستية الإيرانية لا تنسجم مع الاتفاق النووي بعدما أطلقت إيران صواريخ قدر البالستية من موقع بجبال البرز في مارس 2016.

أعتقد أن تلك الإجراءات التي اتبعتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة رسالة للسعودية الغاضبة من الاتفاق النووي ومن مليشيات الحشد الشعبي وتوظيف داعش لصالح مشروع إيران، بأنه حان الوقت لتشكيل قيادة مشتركة بين السعودية التي شكلت التحالف الإسلامي العسكري وبين التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا شبيه بالتحالف الذي شكلته الولايات المتحدة بقيادة وكالة الاستخبارات المركزية والسعودية بعد أحداث 11 سبتمبر لمقاتلة القاعدة خصوصا بعدما عادت تركيا إلى وقف إمداد داعش بالسماح لعبور المقاتلين والسماح بتمويل داعش بالأسلحة من أراضيها، والسماح له ببيع نفطه الرخيص، أي اتجهت تركيا إلى غلق حدودها بالكامل أمام داعش التي كانت ردة فعل داعش أليمة على تركيا التي استهدفت السياحة.

الموقف التركي المتحول هو مقابل أن تتوقف الولايات المتحدة عن دعم الأكراد السوريين، وهو ما يساهم في تقسيم سوريا وفي نفس الوقت يفرض على تركيا إعادة فتح مفاوضات مع حزب العمال الكردستاني حتى لا يخوض أردوغان حربا على جبهتين ضد الإرهاب.

ستكتشف داعش أن نهايتها مؤكدة خصوصا بعدما استهدفت المدينة المنورة الذي يعتبر خطأ كارثي، ولن تقف السعودية بعد هذا الخطأ الكارثي في استهداف مسجد رسول الله وهي تستشعر موقعها في قلب العالم الإسلامي في تحمل مسؤولية القضاء على هذا التنظيم، ولن تقبل بأن يستثمر هذا التنظيم ضد المسلمين لتفرقتهم وتشويه دينهم.

 وهي عازمة على الضرب بيد من حديد على كل من يستهدف عقول وأفكار وتوجهات الشباب، وهي مرحلة إلى جانب محاربة التنظيم عسكريا يتزامن معها محاربته فكريا خصوصا وأنها تستهدي بدينها الذي يعصم الدماء والأموال، وهي تثبت للعالم بأن الإسلام ليس في محنة كما يدعي البعض، ولن تقبل بأن يكون القتال سنياً-سنياً ولا سنياً-شيعياً بل هي مجموعات ضالة تستهدف الجميع، بل إن سنة العراق هزموا القاعدة مرتين ولكنهم لم يحصلوا إلا على الملاحقة من حكومة المالكي، لأن المشاريع الفارسية تقتات على مثل تلك التنظيمات، ومحاولة في إلصاق تهمة الإرهاب بالسنة، ولن تقبل السعودية استخدام المسلمين ورقة لتحقيق أجندات ومشاريع خاصة، خصوصا وأن الثورة الخمينية تستلهم نموذج الأفغان العرب لمواجهة الاتحاد السوفيتي ثم القاعدة وصولا إلى داعش، فالمسؤولية مسؤولية السعودية لوقف استغلال المتطرفين من المسلمين.

د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق