الدور الوظيفي للدولة والمجتمع في سورية (5): تفكيك البنى الاجتماعية

 ثانياً- استلاب السلطة الأسدية للأدوار الاجتماعية وإلغاؤها:

أدرك الأسد أنّ المجتمع السوري، مجتمع حيّ، تغلب عليه المدنية والسياسية في سلوكه وتفكيره، وبقاء المجتمع على ما هو عليه، تهديد فعلي بزوال سلطته، لذا عمل على اجتثاث أدوات المجتمع السياسية والمدنية أولاً، وإعادة إنتاجها وفق النمط السلطوي، تمهيداً لإعادة صياغة الهوية الجمعية، بما يمكن تسميته مجازاً بالهوية “العلوية السياسية”. مع تعزيز خطوط التقسيم وتغذيتها بين الهويات الفرعية بغية تحويل الكل إلى أقلية بالمفهوم السياسي والمجتمعي.

لذا عمد أولاً على الالتفاف على الأحزاب كافة، سواء في التيار القومي أو الماركسي أو الإسلامي، بعد أن تمت تصفية التيار الليبرالي زمن البعث الأول. وتم تصفية قياداتها بأساليب الترهيب/الترغيب و الثواب/العقاب، وصولاً إلى مرحلة الصدام مع التيار الإسلامي في أواخر سبعينيات القرن الماضي وأوائل ثمانينياته.

بذلك دفع الحياة السياسية إلى أن تكون حكراً على حزب البعث وجبهته “التقدمية”، مؤطِّراً ذلك بجملة قوانين تخص الانتماء البعثي، تعاقب على أيّ نشاط سياسي للبعثي خارجه، ما بين السجن المؤقت والدائم والإعدام. في ظل تبعيث إجباري في كافة مؤسسات الدولة.

كما عمل على حل النقابات وإعادة تشكيلها وفق المنطق العصبوي أو الموالي، نتيجة تصديها لسلطته الأحادية، بذلك أخرجها من الحياة السياسية والمدنية، بعد أن حظر قيام أي نشاط للمجتمع المدني، وقلص بشكل كبير نشاطات المجتمع الأهلي، بعد أن وضعه تحت المراقبة.

لكن الأهم هو تفتيت الطبقة الوسطى المنتجة للحراك السياسي-المدني “حيث تم تحييد وإخراج الفئات الوسطى من السياسة من جهة، وإعادة إنتاج المجتمع انطلاقاً من السلطة من جهة مقابلة .. فإخراج الطبقة الوسطى من السياسة كان يعني تهميش القوى الفكرية والثقافية القادرة على بلورة وحمل مشروع سياسي أو تغييري-ميشيل كيلو”.

وحين أعاد تعريف المواطنة، ربطها ربطاً مباشرة بالبعثية والقومية العربية والاشتراكية، وعُدّ من هو خارج هذا الإطار، خارج مفهوم المواطن. حتى داخل المواطنة الأسدية، تمت إعادة صياغة العلاقة وفق منطق الولاء والطائفة والعائلة، فلكل درجة من المواطنة يتمتع بها، يتجاوز بعضها أطر القوانين التي سنّها. فيما يبقى الآخرون ذوات رعوية وظيفتها رفد السلطة بكل ما تحتاجه.

إذ “رفض النظام المواطنة كمبدأ يقوم عليه المجال العام وينظم علاقاته، ورفض اعتبار المواطنين ذوات حرة تتصرف بحريتها، ورأى في أية مطالب بالحريات والحقوق والمواطنة وتبعاتها خروجاً على السلامة العامة وخيانة وطنية عاقبهما بأكثر الأشكال القمعية شدة- ميشيل كيلو”.

وحيث لم يعد بالإمكان في عهد الأسد الابن تعطيل الحياة السياسية مجتمعياً، مع عودة تجددها، سواء عبر المنتديات والصالونات السياسية، أو نتيجة تراجع سلطة الدولة مقابل إرهاصات مجتمعية مدنية حداثية، لكن لابد من من خلق بديل لتلك الصحوة المجتمعية من داخل السلطة ذاتها. عبر العودة إلى الأسلوب الأمني القمعي أولاً، ومن ثم اصطناع مجتمع مدني سلطوي “أسدي”.

إذ تم تعطيل ظهور مجتمع مدني عبر اصطناع منظمات غير حكومية-حكومية، أي مدعومة مالياً وتنظيمياً وأمنياً من السلطة دون تبعيتها المباشرة، بل كثير من تبعيتها كانت لأسماء الأسد، ووظيفتها إعادة إنتاج النخب وتتكون من أبناء المسؤولين والضباط ورجال الأعمال، وتهدف إلى الترويج للأسد وزوجته. وهي تسعى إلى إعداد السكان لتخلي الدولة عن مسؤولياتها الاجتماعية. وتشمل هذه المنظمات مجال تنمية الشباب والمرأة والريف والصحة والرياضة والثقافة والفنون .. .

وذلك على نمط إعادة إنتاج النخب الاقتصادية الرأسمالية، المتحالفة مع النظام، وحامية مصالحه الاقتصادية، مع دورها في ضخ استثماراتها سريعة الربحية، بالاتفاق مع الحالة العولمية الاقتصادية التي أُجبِر النظام على ولوجها (اتفاق واشنطن) لتفادي العولمة السياسية الديمقراطية. هذه بدورها ساهمت في تشكيل تجمعات سياسية-اقتصادية داخل النظام والمجتمع، كحالة نشاط مدني سلطوي (أسدي) آخر.

ثالثاً- تفكيك الدولة والمجتمع (صراع الهويات):

سعى الأسد الأب عبر عملية العبث بالحامل الاجتماعي، أو بالتركيبة الديمغرافية، إلى تحويل المجتمع إلى مجموعات سكانية متنافرة، ومن ثم خلق أقليات جديدة وتعميم النموذج على البلاد بأسرها، بتحويلها إما إلى تكتل أقليات، أو زرع حالة الصدام وتغذيتها بين الانتماءات المناطقية والإثنية. وهو ما يسهل وظيفة أخرى كان يخشاها الأسد الأب، قبل أن يعيد الأبن تناولها، وهي القضاء على سلطته، وبالتالي تحوله إلى فصل الساحل ودولنته له ولطائفته.

ويحتضن التاريخ السوري، وثائق عن سعي عائلة الأسد منذ أيام الاحتلال الفرنسي، لتشكيل كيان طائفي علوي مستقل على امتداد الساحل السوري، دون أن يتبلور هذا الطرح بشكل واقعي، نتيجة توحد الجهود السورية كافة في الحفاظ على شكل الدولة المقتطع منها أجزاء تم دولنتها.

إلا أن المخيال الأسدي بقي محتفظاً بفكرة الدولة العلوية، وأعاد طرحها بشكل محدود مع مطلع الثمانينيات من قبل رفعت الأسد، دون أن تلقى المحاولة الثانية تلك مكاناً لها على الخارطة السورية، أو صدى مجتمعي لها يسعى لتنفيذها، وخاصة مع استمرارية الهيمنة على الدولة السورية ككل.

وتعتبر المؤسسة الطائفية أحد أهم ركائز حكم آل الأسد لسورية طيلة العقود الماضية، وخاصة بعد ربط مصير الطائفة العلوية بمصير هذه العائلة، عبر تصويرها كمخلّص لها من استبداد يعود إلى أيام الإقطاع العثماني، والذي تمّ تصويره بأبعاد طائفية تتعلق بالآخر السني، ومعتمِداً آلية التعتيم التاريخية على حقائق حقبة الإقطاع العثماني، ودور كافة الإقطاعيين في استعباد القرى الفقيرة، بغض النظر عن انتمائها الديني، علماً، أن عدداً من أولئك الإقطاعيين، كانوا من الطائفة العلوية ذاتها.

تحريف الوقائع التاريخية، وتقديم تفسيرات طائفية، و”تخليص” الطائفة العلوية –كغيرها من الطوائف- من آثار الإقطاع عبر الثورة الاشتراكية والتأميم، وتوفير الأراضي الزراعية للأقنان، مترافقة مع طموح انفصالي أسدي، ساهمت جميعها، في خلق حاضن اجتماعي متلازم لسلطة الأسد، عبر طائفته.

وحرصت هذه العائلة، على ضمان استمرارية هذا الحاضن، بربطه مباشرة بسلوك السلطة، وفق المعطيات السابقة، وجعله جزءاً منها، لتكون بذلك أحداث الثمانينيات خطوة إضافية في خلق الشروخ الطائفية والحواجز الفكرية بين شرائح المجتمع السوري.

فمنذ أن ارتكب الأسد الأب مجازره في ثمانينيات القرن الماضي، تشكل وعي طائفي علوي، هو وريث (عقدة المظلومية التاريخية)، بأن الطائفة باتت مستهدفة كحالة انتقامية أو قصاصية منها، لاشتراكها المباشر سواء في ارتكاب تلك المجازر أو الترويج لها أو دعمها، مما دفها إلى مزيد من الالتفاف حول نظام الأسد، لكونه القوة الوحيدة القادرة على توفير الحماية لهم من محاولات اقتصاص عادل أو انفعالي تجاههم في حال سقوط النظام.

هذه كانت ذاتها إحدى الوظائف التي نشدها الأسد الأب من تلك المجازر، عبر ربط مصير حاضنه الاجتماعي الطائفي بمصيره الشخصي ومصير نظامه، مقابل تمتين تغلغلهم في كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية والإدارية، بحثاً عن أية محاولات مضادة قد تنشئ لاحقاً.

لم يكتف الأسد بتغذية عوامل الصراع الهوياتي المذهبي، بدفع الطائفة العلوية نحو بارتكاب مجازر كبرى في ثمانينيات القرن الماضي، بل اشتغل كذلك على الصراع الهوياتي العرقي، عبر تغذية عوامل الصراع العربي-الكردي. سواء لناحية رفض الاعتراف بالهويات العرقية في الدولة، ومنها الكردية، ووسمها جميعاً بالعربية، أو حجب حقوق المواطنة عنها بسلبها حقها في التجنس، أو بتهجيرها نحو الداخل أو الخارج على السواء، إضافة إلى توظيف فئات منها في صراعاته الخارجية مع تركيا والعراق.

استمر الأسد الابن بالمحافظة على خطوط التقسيم التي كرسها والده بين الفئات المجتمعية على المستوى العرقي والديني، لكنه أضاف لها مستوى الانقسام الطبقي بخلق مجتمع رأسمالي فاحش الثراء، هو مركز توجهات الدولة الجديدة. هذا ما ساعده في حشد مجتمعاته الطائفية والمصلحية خلفه إبان الثورة، تحت ذات الشعارات التي روجها والده، بأن المجتمع يسعى إلى الانتقام من الطائفة، والأثرياء إضافة.

هذه المعادلة غير العقلانية، دفعت بالتيار الطائفي، إلى حالة جنونية من الإجرام بحق المجتمع، بحثاً عن إمكانية إجهاض الثورة، واتقاء محاكمات وحالات قصاص تتحضر منذ المجازر الأولى. لتخلق حالة عليا من الاحتقان العام لدى شرائح الشعب السوري المعرض للذبح بشكل يومي، لن تهدأ نفوس أصحابها قبل محاكمة كل مشارك في تلك المجازر.

ذات منهج الأب، يسلكه الأسد الابن منذ اندلاع الثورة السورية، بوتيرة إجرامية باتت أعتى من سابقتها، وعبر مزيد من التورط العلوي في المجازر في كافة أنحاء سورية، ومزيد من القلق الطائفي من المحاسبة اللاحقة.

من ناحيته، يستغل الابن هذه الحالة، لدفع بيئته الطائفية، إلى مزيد من القلق والتوتر، وخاصة عبر ترويج فكرة “الإسلام المتطرف”، واستدعاء تاريخ شعبوي مصطنع، لتدفعهم في المقابل، للانزواء في كيان خاص يدافعون عنه دفاعاً وجودياً يحمي كل تياراته سواء المتورطة مع النظام أو المنعزلة عنه.

ولهذا الغرض، تم تشكيل قوات خاصة من المدنيين المناط بهم “العمليات القذرة” للجيش، وهي قوات الشبيحة ذات اللون الطائفي الواحد، والتي أسميت لاحقاً، قوات الدفاع الشعبي، حيث ارتكزت على حماية الجيش النظامي لها، وتمهيد الطريق أمام دخولها المناطق المستهدفة، سواء بالقصف الجوي أو المدفعي، بتمويل من الخزانة العامة السورية ومن اللوبي الرأسمالي الذي اصطنعه سابقاً، أو بإطلاق يدها في نهب ممتلكات المواطنين، وتعتبر هذه القوات “الشبيحة” عماد عمليات الذبح التي تتم في المجازر المرتكبة في كل أنحاء سورية.

أما عن الأبعاد الوظيفية للمجازر تلك، فإنها تتعدى حالة الانتقام والإرهاب لكل من عارض الأسد، وللحاضن الاجتماعي للثورة السورية، إلى تعزيز الفكر الانفصالي لدى كافة الجهات (الجاني والضحية) من جهة، إضافة إلى بعد تطهيري في مناطق التماس الطائفية على نهر العاصي وفي المدن والأرياف الساحلية، من الحدود الشمالية السورية مع تركيا، إلى منطقة القصير على حدود لبنان. فوفق التصورات الأسدية، يشكل هذا النهر، خط شرخ طائفي، يتم العمل على تهجير سكانه من الطوائف غير العلوية، تمهيداً لإعلانه حدوداً شرقية لدولتهم، في حال سقوط الأسد .

ومن مؤشرات العمل على تأسيس المقدمات الانفصالية للأسد، نقل ثروات الداخل السوري إلى محافظتي اللاذقية وطرطوس، اللتان تتمتعان باستقرار نسبي يعم غالب مساحتهما، فيما كانت قوات الأسد تدك المدن والقرى لتزيلها من على الخارطة السورية، وإشغال القوات المعارضة في معارك تزيد من تدمير البنى التحتية، وتخلق حالة اضطرابات سياسية وعسكرية. ومن ذلك ما صدر حديثاً عن حاجة سورية إلى أكثر من 100 مليار دولار لإعادة إعمار ما خلفته الحرب، وفترة قد تصل إلى ربع قرن مقبل، أي انتقام حتى من المستقبل.

إن تفجير البعد الطائفي، لم يكن ينتظر حالة الثورة، بل كان امتداداً لسياسات منتهجة منذ الأسد الأب، وتوسعت في عهد الابن، حيث كان من المؤكد أن البلاد تمر بحالة من اليأس الاجتماعي في الوقت الذي دخلت فيه سورية عهد المجتمع الاستهلاكي الذي لم تنتفع منه سوى مجموعة من السكان وبشكل فاحش. كل ذلك أدى إلى تفكك شتى الروابط الاجتماعية. ومن ثم واجه السكان هذه الأزمة بتعزيز أوجه التضامن التقليدية. فالواقع أن الصعوبات الاقتصادية جعلت السوريين يلجؤون إلى مساعدة طوائفهم المختلفة. فقد أصبحت الكنائس تقدم لرعاياها المساعدات المالية والعينية، بينما شكلت النساء في الجوامع “جمعيات تعاونية مالية”. هذا التضامن يصحبه انطواء كل مجوعة على هويتها. ويقول أحد الشيوخ “إن القضايا الاجتماعية قد تشكل نقطة انطلاق لكن الأزمة ستتخذ طابعاً طائفياً بشكل أو بآخر”.

إن تجاهل الهويات المحلية منع انبثاق هوية سورية قادرة على تجاوز الخلافات بين مختلف المجموعات، ما أدى إلى انطواء كل منها على هويتها، وهو وضع تفاقم مع استغلال النظام لمسألة الهويات. ولعل الولاء للهويات الدينية والعرقية وغيرها من الهويات التي يمكن وصفها بالأولية يعلن أحياناً بشكل عنيف. فهذا التشديد على الهوية، الذي دخل أيضاً في إطار انتهاء المجتمع المزودج الأقطاب تزامن مع تهاوي الدولة التي من المفترض أن تحدد قواعد اللعبة، بيد أنها كانت ومنذ زمن قد فقدت السيطرة على الحركية الاجتماعية.

ولابد من التنويه أن السلطة اعتمدت نموذج توظيف المال العام لأهداف سياسية في الأقاليم الأقلوية، ففيما شهدت محافظتي الحسكة ذات الغالبية الكردية والسويداء ذات الغالبية الدرزية، على سبيل المثال لا الحصر، تهميشاً تنموياً كبيراً، كانت الأموال العامة تضخ لتنمية المحافظات ذات الغالبية العلوية (اللاذقية وطرطوس)، وذات التهميش وقع على محافظات درعا والقنيطرة والرقة وإدلب ذات الغالبية السنية.

أما على مستوى الهويات العرقية، وخاصة الكردية، وضع البعث القومية العربية عنصراً أساسياً للثقافة السياسية السورية، وأصبح إقصاء الهوية الكردية مبدأ العقيدة الرسمية للدولة. وتعود هذه السياسات التمييزية إلى عقد الستينيات، ففي عام 1962 خلال الإحصاء السكاني لمحافظة الحسكة حيث يعيش نصف أكراد سورية، حُرِم حينها 50 ألف كردي من الجنسية السورية. واستمرت تلك السياسة مع اتساع التهميش من ناحية، وإلغاء حقوق المواطنة من ناحية ثانية، وسلب السكان أراضيهم ومنحها للعرب لتعميق خطوط الانقسام في تلك المناطق، وصولاً إلى الحملة القمعية الكبيرة تجاه الأكراد عام 2004.

كما شهد العقد المنصرم، صدامات هوياتية عرقية ومذهبية في عدة محافظات، منها صدامات العلويين-الإسماعليليين وخاصة في محافظتي حماة وطرطوس، مصادمات البدو-الدروز في محافظة السويداء، مصادمات العرب-الأكراد في محافظة القامشلي. حيث عمدت السلطة إلى تغذية تلك الصدامات، إما بالانحياز لجانب دون آخر، أو بشن حملات قمع كبيرة تجاه طرف بعينه.

يذكر أن السلطة ومنذ منتصف العقد المنصرم، فتحت باب حملة تشييع المجتمع، في الأوساط السنية، بغية خلخلة التركيبة السكانية، واختراقها، بالتعاون والتمويل من قبل النظام الإيراني. مترافقة مع العمل على صياغة آليات دينية إسلامية، تتفق مع السلطة أولاً، وتحاول استيعاب الاحتقان المجتمعي من الحالة الطائفية للسلطة، ويمكن تسميته ب “الإسلام الرسمي”.

  

                                                                                                                                 (يتبع)

 

عبد القادر نعناع

كاتب وباحث سوري

 خاص بمركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

الوسم : سورية

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق