أبعاد زيارة أردوغان والسيسي للمنطقة

أبعاد زيارة أردوغان والسيسي للرياض

تضاربت أولويات أنقرة وواشنطن، عندما اعتبرت واشنطن أولويتها محاربة داعش، بينما ترى أنقرة أن أولويتها حل الأزمة السورية، وتعتقد أنها كانت السبب في ظهور داعش، أي أن أنقرة تركز على المسبب بينما واشنطن تركز على السبب.

تسير الأزمة السورية على عدة جبهات هناك اجتماع للمعارضة السورية بقيادة خالد خوجة في مدينة كلس على الحدود التركية في 28 فبراير مع المبعوث الأممي دي مستورا لوضع ضوابط معينة، ووضع ورقة بحضور عسكريين للتوصل إلى قرارات جريئة تحدد ملامح المرحلة المقبلة التي تسير نحو تدريب المعارضة السورية.

طالبت المعارضة دي مستورا بتطبيق خطته بتجميد العنف في أربعة مناطق بما فيها المنطقة الجنوبية والقلمون وريف حلب، بينما تقترح خطة دي مستورا تجميد العنف في منطقتين في شرقي حلب في صلاح الدين وسيف الدولة ولم يوافق النظام على المنطقتين بل وافق فقط على منطقة صلاح الدين.

النظام يركز على نقطة واحدة وهي مكافحة الإرهاب، بينما يتجاهل ثورة شعب التي تطالب بالحرية والعدالة والمساواة، وهناك قرار مجلس الأمن 2139، واتفاقيات جنيف، أي يريد النظام العودة إلى المربع الأول وتجاهل كل القرارات الأممية، ولا يمكن أن تقبل المعارضة بخطة دي مستورا المجزأة وهي خطة شفهية من دون أية ضمانات مقدمة للمعارضة.

يقود النظام هجوم متعدد على كافة الجبهات في ظل محيط إقليمي ودولي فقد الاهتمام بالقضية السورية، واهتم بقضايا أخرى خصوصا محاربة داعش، لذلك ركز النظام بشكل خاص في الجبهة الجنوبية بقيادة الحرس الثوري وحزب الله ومرتزقة من العراقيين ومن الأفغان، لكن أعلنت المعارضة النفير العام على الجبهة الجنوبية في المثلث الذي يمثل درعا والقنيطرة وريف دمشق واستطاعت استعادت معظم النقاط.

يجب أن يكون هناك تغير جذري في سوريا خصوصا بعد ضغط الجمهوريين على الرئيس أوباما وانتقال ملف التدريب من البيت الأبيض إلى البنتاغون، خصوصا بعدما نجحت الضربات الجوية في كوباني واستعادتها من داعش، وبدأت تزود الولايات المتحدة ثوار سوريا بأجهزة لطلب ضربات جوية على غرار كوباني، لأن الثوار يقاتلون على جبهتين ضد المقاتلين لتنظيم داعش وضد قوات النظام السوري.

أعلن البنتاغون عن تدريب المعارضة التي سيتم على الأراضي التركية بعد 4-6 أسابيع لذلك تأتي زيارة أردوغان إلى السعودية لتنسيق تلك المواقف وهي كذلك تتزامن مع زيارة السيسي رغم تفاوت رؤية الدولتين حول الأزمة السورية، وهناك أزمة بين البلدين حول ورقة الإخوان المسلمين، رغم أن السيسي أعلن قبل زيارته للسعودية أنه لن يسمح بعودة الإخوان إلى المشهد السياسي في مصر لكنه لم يقفل باب المصالحة.

تبقى السعودية قلب منطقة الشرق الأوسط ومحور قلب العالم الإسلامي لن تسمح للإعلام أن يقود سياساتها تجاه دول كبرى ومهمة للسعودية، لأنها ترى أن علاقاتها مع كل من تركيا ومصر علاقات إستراتيجية وتاريخية في نفس الوقت،وهي تود تعزيز العلاقات مع القطبين وبين القطبين في حل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

 دائما ما يسعى الدور السعودي القيام بأدوار توافقية سبق أن نجح في نزع فتيل العديد من القضايا العربية والإقليمية عبر تاريخه الحديث، وهي الدولة الوحيدة القادرة على نزع فتيل الأزمة بين القطبين الإقليميين الكبيرين، لأهميتهما في قيادة المنطقة، بدلا من ترك قيادة المنطقة للولايات المتحدة بمفردها، وفي عالم السياسة يبقى الباب دائما مفتوحا أمام الدول، وهي عادة ما تخالف التكهنات.

بعد فشل خطة المبعوث الأممي دي مستورا والتي لم تأتي بأي جديد يقنع المعارضة، وكذلك لم تتمكن موسكو من جمع المعارضة والنظام في التوصل إلى حل سلمي، لأن كلا المبادرتين كانتا تصبان في صالح النظام، وهو ما أكده لافروف هذا الانحياز للنظام عندما أكد وجهة نظر النظام في منتدى موسكو عندما طالب الطرفين بالتوحد في وجه الإرهاب، مع تجاهل منتدى موسكو جنيف 2.

 لم يتبق أمام المعارضة السورية سوى تدريب المعارضة الذي تتولاه الولايات المتحدة في تركيا للدفاع عن نفسها أمام هجمات النظام بالبراميل المتفجرة بدعم إيران وحزب الله تحت رعاية ودعم القوى الإقليمية الرئيسية حتى تتمكن من مواجهة إيران التي تدعم النظام وضمان حيادية روسيا وهي حليف لتلك الدول خصوصا إذا ما تم ضمان مصالحها في المنطقة.

د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق