معاناة سوء التغذية في طريقها إلى غالبية الشعب الإيراني

إن وجود موارد اقتصادية ضخمة في الدولة مثل النفط والغاز والمعادن والزراعات وغيرها، يعتبر من العوامل الأولى في تطوير وازدهار القطاعات، لما لها من مردود تمويلي وإنتاجي يشجع الاستثمارات وينشط عجلة التنمية، وفي حال توافرت هذه الموارد في الدولة، وفي نفس الوقت يعاني شعبها من مشاكل اقتصادية مثل الفقر والبطالة وسوء التغذية، فهذا يدل دلالة واضحة على عدم قدرة الجهات الحاكمة على إدارة هذه الموارد وتوزيعها بين الشعب بصورة عادلة، وفي ذلك إشارة أيضاً إلى وجود فساد مالي واقتصادي وإداري في نفس الوقت.

وهذا ما حدث في إيران بعد تولي النظام الحالي مقاليد الأمور في البلاد، وانتهج نهج دعم الصديق الموالي له وإذلال العدو لمجرد اختلافه فكرياً مع نظرياته الوصولية، فكان المعيار الوحيد لتنصيب الأفراد في الأماكن الإدارية هو ميزان ولائه وانتمائه للنظام الجديد، وشدة دفاعه عنه، مما أدى إلى انخراط العديد من عدم الكفاءات في إدارة شؤون البلاد، وظهور المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبطبيعة الحال السياسية، وكان أبرزها الفقر والبطالة وسوء التغذية وغيرها، وسنتناول هنا مشكلة أصبحت تهدد عدد كبير من سكان إيران، وهي سوء التغذية.

45 مليون شخص في إيران يعانون من سوء التغذية:

فقد أصبحت مشكلة سوء التغذية تهدد فئات عمرية تعتبر هي مستقبل بناء الدولة وقطاعاتها، إذ بدأت مع مجيء النظام الحالي، وارتفعت وتيرتها مع مرور السنين تحت مظلة ولاية الفقيه، وأخذت تجتاح قطاعاً كبيراً متعدد الفئات وخاصة الأطفال، وهذا ما حذر منه عضو لجنة الزراعة والمياه والمصادر الطبيعية في المجلس “بهرام بيرانوند”، حين نقلت صحيفة “أبرار” تصريحاته والتي قال فيها: “للأسف هناك ما يقارب 45 مليون شخص في البلاد يعانون من سوء التغذية، وأشار إلى وجوب توفير الحليب ومشتقاته لطلاب المدارس وذلك كحل جزئي”.

في العقود الأخيرة، صاحب اتساع رقعة الأزمات الاقتصادية والصراعات الداخلية في العديد من الدول النامية أو المتخلفة، عواقب اجتماعية واسعة النطاق، كان أبرزها انتشار سوء التغذية بين السكان، وخاصة بين الأطفال التي تقل أعمارهم عن الخمس سنوات، ووفق تقارير منظمة الأغذية الزراعة العالمية (FAO) فإن هناك 880 مليون شخص في العالم لا يحصلون على الغذاء الكافي، وتعتبر إيران من بين الدول التي تعاني من مشكلة سوء التغذية ونقص في الأمن الغذائي، وقد لاحظنا هذا بوضوح عندما اندفعت الجماهير الإيرانية من جميع الطبقات للحصول على السلة الغذائية “سبد كالا” التي تمنحها الحكومة كنوع من سد الثغرات في نقص الغذاء عند المواطنين، وعدم قدرتهم على الحصول على الغذاء لارتفاع أسعارها، وانخفاض دخولهم، وفي هذا الخصوص أيضا صرحت مديرة مكتب التغذية التابع لوزارة الصحة الدكتورة “زهرا عبد اللهي” بوجود سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي في العديد من الأقاليم الإيرانية، منها بوير أحمد وسيستان وبلوشستان والأحواز وكهكيلويه وكرمان وغيرها، وقالت: بناء على الدراسات الميدانية والأبحاث المقدمة من قبل المختصين، فإن نقص العناصر الغذائية والحديد والفيتامينات وخاصة بين الأطفال ما بين سنتين إلى خمس سنوات، وطلاب المدارس والنساء الحوامل في هذه المحافظات، آخذ بالازدياد بشكل ملحوظ، كما أشارت زهرا عبد اللهي إلى مسألة قصر القامة في هذه المحافظات المحرومة، وذلك بسبب سوء ونقص الغذاء.

إيران في المرتبة الـ 80 من بين 125 دولة في العالم من حيث جودة التغذية:

وحسب التصنيف العالمي للبدان من حيث جودة التغذية، فقد جاءت إيران في المرتبة 80 من بين 125 دولة في العالم، وتصنيف إيران في هذه المرتبة يعني أنها تعاني من مشاكل سوء التغذية ونقص الأمن الغذائي، والتي تؤدي بدورها إلى بروز الأمراض والآفات الاجتماعية، وهذا ما حذر منه وزير الصحة الإيراني السيد حسن قاضي زاده هاشمي حين أشار إلى انتشار سوء التغذية والأمراض وخاصة بين الأطفال العاملين، ووفق صحيفة “اعتماد” فإن أسعار إنتاج المواد الغذائية يتزايد يوما بعد يوم، لذا فإنه من المتوقع أن تشهد إيران أزمة غذائية خلال العشر سنوات القادمة، وستؤدي إلى ازدياد أعداد الجياع والفقراء وتصاعد معدلات سوء التغذية.

إيران تعتمد على الخارج في تأمين المواد الغذائية:

وعلى الرغم من أن إيران دولة زراعية، إلا أنها تعتمد بشكل أساسي على تأمين السلع والمواد وخاصة الغذائية منها عن طريق استيرادها من الخارج، وحول هذا الموضوع أوردت صحيفة “ابتكار” تقريرا إحصائيا عن واردات الدولة خلال الــ 22 عام من 1992 حتى 2014، وقالت فيه إن قيمة واردات الدولة في عام 1996 مثلا، عندما كان تعداد سكان إيران 60 مليون كان 15 مليار دولار، وأصبح هذا الرقم عام 2011م، حين أصبح تعداد السكان 75 مليون نسمة، ما يقارب 57 مليار دولار، وهذا يعني زيادة بنسة 280 بالمئة.

إيران تعتمد على الإمارات في تأمين المواد والسلع:

 وأضاف التقرير أنه منذ عام 1992 حتى 2002 كانت أكبر الدول المصدرة لإيران هي ألمانيا واليابان، أما من سنة 2003 حتى 2014 أصبحت الإمارات والصين هي أكبر الدول المصدرة لإيران، وفي هذا السياق أيضا قالت صحيفة “جمهوري اسلامي” تحت عنوان “الإمارات أكبر المصدرين لإيران في ربيع 2014” إن الدراسات أظهرت بأن الإمارات خلال فصل الربيع الماضي كانت أكبر الدول المصدرة لإيران، إذ شكلت ما نسبته 27 % من مجموع الواردات الإيرانية، وبلغ حجم الصادرات الإماراتية لإيران في الشهور الثلاث الماضية ما يقارب 2 مليون و600 ألف طن بقيمة 3 مليار و367 مليون دولار.

التصحر يجتاح جميع المناطق في إيران:

ويبدو أن إيران في طريقها إلى الأسوأ بخصوص سوء التغذية ونقص الأمن الغذائي، إذ أشارت العديد من التقارير إلى أن إيران تتجه إلى التصحر بشكل سريع، وقد أفادت صحيفة “آرمان” بأن استمرارية الجفاف في إيران أصبحت مشكلة خطيرة للغاية، وقالت نقلا عن أحد الأساتذة الجامعيين، أن استمرارية الجفاف والتصحر على هذا النحو، سوف يؤدي بعد 10 سنوات إلى تصحر جميع المناطق في إيران، وأشارت الصحيفة إلى خطر أزمة نقص المياه وآثارها السلبية على البيئة، وخاصة المناطق الزراعية، وبطبيعة الحال فإن هذا سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة إنتاج المواد الغذائية أو الاعتماد على تأمينها بشكل أساسي من خلال استيرادها من الخارج، لذا سترتفع أسعارها بشكل متضخم، فيتعذر على الشعب الإيراني تأمينها وشراؤها، فترتفع معدلات سوء التغذية لتشمل جميع الأطياف.

نقلا عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

الوسم : إيران

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق