مؤتمر أحوازي يجمع الشعوب غير الفارسية في إيران للمطالبة بحقوقها المغتصبة

تعتبر القوى السياسية الأحوازية العاملة في المهجر من أكثر القوى السياسية نشاطاً في جغرافية إيران السياسية. وفي هذا الإطار، انعقد يوم السبت الموافق 24/10/2015، مؤتمراً لإحدى الفصائل الأحوازية، ألا هو «حزب التضامن الديمقراطي الأحوازي»، والذي يتخذ -هذا الحزب- من مبدأ الكفاح السلمي طريقاً لتحقيق الحقوق المشروعة والمغتصبة للشعب العربي الأحوازي وقضيته العربية العادلة.

وبناءً على ما ورد في الخطاب السياسي الذي وزِّع على الحضور، فإن: “حزب التضامن الديمقراطي الأحوازي ممثل الأهواز-عربستان في منظمة الأمم والشعوب غير الممثلة، والعضو المؤسس في مؤتمر شعوب إيران الفدرالية، يعقد مؤتمره العام الرابع في ظل ظروف ومتغيرات داخلية وإقليمية ودولية في غاية الدقة والتعقيد والحساسية، تُلقي بظلالها على القضية الأحوازية، وعلى سائر قضايا الشعوب في إيران بشكل خاص، وعلى منطقة الشرق الأوسط بشكل عام. حيث بات مصيرنا مرتبطاً ارتباطاً عضوياً بالتطورات التي تشهدها المنطقة، وبما أن قضية الشعب العربي الأحوازي أصبحت بفعل تفاني أبنائها ومقاومتهم البطولية الباسلة تحظى بحيوية منقطعة النظير مقارنة بعقود مضت”.

وشارك في هذا المؤتمر، لفيف من القوى السياسية والأحزاب العاملة في جغرافية إيران السياسية، وكذلك عدد من المنظمات الحقوقية والثقافية، لاسيما الشخصيات المستقلة. حيث مثل الأذربيجانيين السيد سلطان هدايت زادة من “الحركة الديمقراطية الفدرالية في أذربيجان”، وقال: “إن المجتمع الإيراني في الأساس “مجتمع مركب” -أي مجتمع متنوع الأعراق والثقافات-، وتساءل، كيف لنا أن نجد آلية تحقق العدالة والحقوق لهذه الشعوب”. كما أكد سلطان زادة وهو من قيادي ومنظري الشعب الأذربيجاني ولديه العديد من الدراسات السياسية والاجتماعية والثقافية عن الشأن الإيراني والشعوب القاطنة في هذه الجغرافية، “إن النظام الإيراني الحالي، نظام ماكر ومخادع. لذا، يجب على الشعوب في إيران أن تجد الحلول المناسبة التي تمكنها من إسقاط النظام في طهران، وهذا بالتحديد يتطلب جهداً مضاعفاً منا”. وأيضاً تحدث ممثلي التنظيمات البلوشية ومنها: حزب الشعب البلوشي والجبهة المتحدة البلوشية، وكذلك الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني.

وعن المنظمات الحقوقية، تحدثت الناشطة الحقوقية والبارزة الفارسية السيدة شادي صدر، رئيسة المنظمة الحقوقية «العدالة لإيران»، وقالت في مستهل حديثها، “إن المرأة في إيراني تعاني من اضطهاد، مزدوج وانتقدت السلطات في بلادها عما وصلت إليه المرأة في ظل حكم الملالي في طهران من حرمان وظلم لا مثيل له”. وفي حديثها استشهدت بالناشطة السياسية الأحوازية فهيمة بدوي والتي تقبع منذ سنوات في السجون الفارسية وقالت شادي صدر، “إن فهيمة بدوي هي السجينة الوحيدة التي لا سجل لها في سجل السجون الإيرانية”. كما، أكدت بدورهما الناشطتان الحقوقيتان الأحوازيتان السيدة سعيدة بني طرف وسحر بيت مشعل، على أن ما يجري في الأحواز، سياسات عدوانية مبرمجة هادفة للنيل من الإنسان الأحوازي، وهذه السياسات تخالف القوانين والأعراف الدولية.

كما تحدث الكاتب والباحث الأحوازي يوسف عزيزي، والأمين العام لمركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في إيران، عن الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية مع النظام الإيراني وتكهن بالاحتمالات التالية:

أولاً: لم تتغير تركيبة السلطة بما هي عليه حالياً، -أي أن القوة الأساسية تبقى بيد المتشددين بقيادة خامنئي، وإلى جانبه قادة الحرس الثوري. وإذا توفي خامنئي يمكن أن يختاروا بديلاً له مثل رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني أو هاشمي شاهرودي نائب رئيس مجلس خبراء القيادة في إيران. ويقول يوسف عزيزي، في هذه الحالة لن يتم أي شيء لصالح القوميات غير الفارسية في إيران، بل وحتى لن يتم تطبيق المادة ١٥ من الدستور الإيراني، والتي تنص على تدريس لغات القوميات غير الفارسية في المدارس، رغم وعود الرئيس روحاني بتطبيقها خلال حملته الانتخابية في العام 2013. لكن لم تُطبق هذه المادة منذ العام 1979، وذلك بسبب معارضة مراكز القوى التابعة للقومية الفارسية المهيمنة والمتنفذة في طهران.

ثانياً: توقع يوسف عزيزي، وقوع انقلاب عسكري متلبس بلباس ثوري كحركة العسكر، تلك التي وقعت في العام 1925 في إيران. وذلك عندما قام الميجور رضا خان ميربنج، بانقلاب عسكري ضد سلطة السلالة القاجارية واصفاً نفسه بالشاه رضا البهلوي ملك إيران. وقال عزيزي “فالشبيه الحالي لرضا خان، هو الجنرال قاسم سليماني، حيث نشهد فئات واسعة من القوميين والليبراليين واليسار الفارسي تؤيده وتدعم خطواته وتدخلاته العسكرية في العراق وسورية. ناهيك عن الحرس الثوري، وبعض الفئات والشخصيات من المؤسسة الدينية. في هذه الحالة أيضاً، لا أمل بحدوث أي تطور لصالح الشعوب غير الفارسية في إيران”.

وأما في الاحتمال الثالث: يتوقع عزيزي، تغييراً تدريجياً ينطلق من الانتخابات البرلمانية ومجلس الخبراء، لاسيما صعود ما يسمى بالمعتدلين والإصلاحيين. وحدوث بعض التحولات مثل إطلاق سراح السجناء السياسيين التابعين للمعارضة الخضراء وعلى رأسهم مهدي كروبي ومير حسين موسوي. ويعتقد يوسف عزيزي: أن “هذا يتزامن مع الاستثمارات النفطية وغير النفطية الهائلة للشركات الأمريكية والأوروبية وانتعاش الاقتصاد الإيراني، الذي يؤدي كل هذا إلى دعم مواقف القوى المعارضة للمتشددين في السلطة وخارجها، وطرح قضايا انتهاكات حقوق الإنسان وعلى رأسها حقوق القوميات غير الفارسية. كما يرى الكاتب والباحث الأحوازي، إن التحولات التي ستحدث في اليمن وسورية والعراق، تأثيرها على الشأن الداخلي في إيران عامل ثانوي”.

وتعقيباً على الاحتمال الثالث يرى يوسف عزيزي، أنه في هذه الحالة ستؤدي التحولات الاقتصادية والسياسية إلى تطور المجتمع المدني، ومن ثم الحراك السياسي ليس في العاصمة فحسب بل وفي الهامش أيضاً. -أي الأقاليم التي تقطنها شعوب غير فارسية بما فيها إقليم عربستان-. وهذا يمكن أن يؤدي في المديين المتوسط والطويل إلى إضعاف السلطة المركزية وتغييرات شبه راديكالية لا يمكن التكهن بكل تفاصيلها من الآن. ويؤكد عزيزي: أن “ضعف السلطة المركزية الفارسية في طهران، يؤدي بالضرورة إلى تقوية شوكة الشعوب غير الفارسية، ويعزز نضالها من أجل أحقاق حقوقها القومية المغتصبة”.

وأما رئيس جمعية الصداقة البريطانية-الأحوازية والناشط البريطاني دانيل برت، فقال في كلمته: “إن النظام الإيراني يوظف عائدات النفط الأحوازي للتدخل الاستعماري في شؤون الدول في الشرق الأوسط، خاصة في العراق وسورية ولبنان واليمن. كما شدد الصحافي والناشط الحقوقي البريطاني البارز بيتر تاتشل، على ضرورة توحيد جهود الشعوب غير الفارسية في جغرافية إيران لنيل الحقوق والحرية.

وعلى الصعيد الإقليمي: شدد حزب التضامن الديمقراطي الأحوازي بأنه “لا يختلف اثنان على أن النظام الإيراني المؤدلج لم يتردد في استغلال أي فرصة للتوسع في المنطقة، وذلك على حساب دولها وشعوبها بذرائع طائفية مفتعلة، إن نظام ولاية الفقيه الرجعي، ومنذ مصادرته ثورة الشعوب لعام 1979، بدأ يشكل خلايا إرهابية هنا وهناك تحت شعار تصدير الثورة. وإضافة إلى تصدير الثورة تفنن أيضاً بتصدير الإرهاب. وعليه شهدت المنطقة انفجار القوات الأمريكية (المارينز) في بيروت، وانفجار الخبر في المملكة العربية السعودية، والتحريض الطائفي المسلح في البحرين، وتعريض الأمن القومي الكويتي للخطر أما بالنسبة للعراق وسوريا حدث ولا حرج. وأما بالنسبة لليمن لو لا التمويل والدعم الإيراني لما تجرأ الحوثيون على القيام بالانقلاب ضد الشرعية”.

وأما على الصعيد الخليجي: بين حزب التضامن الديمقراطي الأحوازي: أن “إيران تعرف جيداً أن المملكة العربية السعودية وشقيقاتها في مجلس التعاون الخليجي هي الوحيدة التي لديها القرار والمال والقوة لوضع حد للتوسع الإيراني في المنطقة. كما أن هذه الدول كانت دائما تأمل في حل مشاكلها مع إيران بطريقة ودية، إلا أن نظام ولاية الفقيه في طهران والذي يفتقر إلى النية الصادقة بهذا الخصوص، ظل يتدخل في شؤون هذه الدول محاولاً استغلال أي حادث ضدها وآخرها حادث منى المأساوي حيث شن الإعلام الإيراني حملة شعواء ضد الرياض وجاء المرشد الأعلى ليكمل هذه الحملة عبر اللجوء إلى لغة التهديد والوعيد التي تعودنا على سماعها بين الفينة والأخرى”.

وفيما يخص دولة الإمارات العربية المتحدة وجزرها المحتلة من قبل إيران، قال حزب التضامن الديمقراطي الأحوازي في بيانه السياسي: “إن دولة الإمارات العربية المتحدة وقفت بأقصى إمكانياتها ضد التدخل الإيراني في اليمن من خلال الائتلاف العربي. وامتزج دماء أبنائها الأشاوس مع دماء المقاومة اليمينة بغية إعادة الشرعية إلى هذا البلد العربي”. كما جاء في البيان السياسي، “نحن -حزب التضامن الديمقراطي الأحوازي- مع الاقتراح الإماراتي الداعي إلى حل قضية الجزر إما بالتفاوض المباشر أو بإحالة هذا الملف إلى مرجعية دولية”.

وللعلم، فإن الجزر العربية الإماراتية الثلاث (أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى) احتلت من قبل إيران في عام 1971، وبتواطؤ بريطاني. إلا أن دولة الإمارات عازمة وبإصرار على استرجاع السيادة العربية على هذه الجزر عاجلاً أم آجلاً.

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق