سياسة أوباما نشر للإرهاب وتمكين لإيران

الحصار الاقتصادي الظالم الذي استمر 12 عاما على نظام صدام حسين، كانت نتيجته تجويع الشعب العراقي وانهيار القيم الوطنية والروحية. الأمر الذي أدى إلى تحالف الشيعة العرب مع إيران والمشروع الصفوي، وتحالف بعض السنة العرب مع الدولة الإسلامية والتطرف الديني بسبب إهمال السنة العرب لمعاناتهم تحت الحكم الطائفي الجديد.

تحطّمت الروح القومية لدى العراقيين على صخرة الجوع والطائفية الفارسية. لم يتمكن العرب من إدخال الخبز والدواء إلى إخوانهم “حراس البوابة الشرقية من الريح الصفراء” بسبب ذلك الحصار الأميركي، ولم يستطيعوا دعم إخوانهم السنة من الاجتثاث والتعذيب والتهجير والإبادة بعد الاحتلال.

لهذا لن ينجح قرار مجلس الأمن الجديد في حصار السنة العراقيين (حصرا) تحت عنوان القضاء على الدولة الإسلامية. سيتدفق المال والدواء والمؤونة أكثر إلى أطفال الموصل، فهؤلاء لا ذنب لهم، والقضاء على الإرهاب ينجح بالأخلاق والشعور بالمسؤولية، وليس بتجويع الأطفال الأبرياء.

ثم أن مجلس الأمن قد صوت بالإجماع على مشروع قرار تقدمت به روسيا، بتجفيف منابع الإرهاب ومعاقبة الشركات التي تتعامل مع الدولة الإسلامية، بينما فشلت جلسة مجلس الأمن حول الحوثيين، لأن روسيا عارضت أي قرار يدين الحوثيين. والأكثر غرابة أن روسيا تعارض أي تلميح إلى أن الإرهاب نتيجة لسياسة بشار الأسد القمعية، وانتهاكات الحكومة العراقية الطائفية.

صرّح قاسم سليماني في احتفال الذكرى الـ36 للثورة الإسلامية “نظرا لهزائم لداعش والمجموعات الإرهابية الأخرى في العراق وسوريا فمن المؤكد أن نهايتهم أصبحت قريبة”. وأشاد بالنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط “نلاحظ تصدير الثورة الإسلامية إلى المنطقة من البحرين إلى العراق، ومن سوريا إلى اليمن، وشمال أفريقيا”. يتزامن تصريح سليماني مع إرسال 4000 عنصر من الحرس الثوري وحزب الله لتعزيز الجبهة الجنوبية في درعا والقنيطرة. كما لو أن التحالف يتكفل بالجبهة الشمالية لسوريا، ليتفرغ النظام السوري مدعوما من إيران إلى الجبهة الجنوبية. فأين دعم الولايات المتحدة للمعارضة السورية المعتدلة؟

وفي اليمن ينتشر المشروع الإيراني بواسطة الحوثيين. فلو كان الحوثي ليس مدفوعا من إيران، لتفاهم مع الانفصاليين في عدن. أليس من مصلحة الشيعة الدعوة إلى تقسيم اليمن والخلاص من نصف السنة فيه؟ بينما على العكس من المنطق، يهاجم اليمن الجنوبي لماذا؟ إيران تريد مضيق باب المندب الحيوي بجنوب اليمن، للتحكم في الناقلات القادمة من السعودية، ويصبح هذا المضيق، إضافة إلى مضيق هرمز، تحت رحمة الصواريخ الإيرانية المتطورة.

هذه السياسة الإيرانية تحاصر السعودية وتحرجها، فقد أدت محاولة الحوثيين الانتشار جنوبا، إلى سيطرة القاعدة على اللواء 19 في محافظة شبوة، والاستيلاء على السلاح والذخيرة، وأعلنوا مبايعة الدولة الإسلامية. وهذا يجعل الناقلات السعودية بين خيارين، إما المرور تحت صواريخ الحوثيين، أو صواريخ الدولة الإسلامية.

الرئيس الأميركي باراك أوباما يستعد لحرب طولها ثلاث سنوات، وصرح بأن هناك عشرين ألف جندي أميركي جاهزون للنزول على الأرض إذا تمكنت الدولة الإسلامية من احتجاز أسرى أو رهائن. ويؤكد على نجاح سياسته في احتواء التنظيم ومنعه من الهجوم. إلا أننا نسمع اليوم عن عودة الدواعش إلى كوباني. واليوم تبسط الدولة الإسلامية نفوذها على ناحية البغدادي في الأنبار، وباتوا على بعد كيلومترين من قاعدة عين الأسد. أصبح الخوف على المستشارين الأميركيين في عين الأسد. هل هذا هو الاحتواء الأميركي للدولة الإسلامية؟

الولايات المتحدة كما لو أنها تقيم تحالفا غير معلن مع إيران لإضعاف النفوذ السعودي بالمنطقة ونشر الإرهاب. فقد أعلن الحرس الثوري الإيراني مؤخرا على أحد مواقعه، أنه هزم السعودية في ثلاث معارك، وأنه قبل هزيمة السعودية في اليمن، هُزمَتْ عندما فشلت جهودها في السنوات الأربع السابقة لإسقاط بشار الأسد، كما تلقت المملكة ضربة قوية لنفوذها في العراق أيضا، لتكون بذلك قد منيت بالهزيمة والفشل على ثلاث جبهات.

يبلغ المشهد السريالي في العراق ذروته بإعلان الأردن وضع جيشه تحت تصرف القيادة العراقية. رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأردني، اجتمع ببغداد مع وزير الدفاع العراقي. هذا معناه هجوم بري أردني عراقي وشيك على الدولة الإسلامية. الحقيقة هي أن عجز الأميركان عن تشكيل صحوات سنية عراقية بسبب انعدام الثقة والحقد المتبادل، وازدياد عدد مقاتلي الدولة الإسلامية، هو الذي أدى إلى هذا القرار الأميركي بزج الأردن في حرب برية. أي أن الجيش الأردني هو الصحوات السنية اليوم.

أول مرة رأيت فيها العاهل الأردني بالبدلة العسكرية، عام 1996 في ما يسمّى ”ثورة الخبز” التي اندلعت بمدينة معان، بسبب ارتفاع أسعار الخبز حينها. وقد حدثت مواجهات مع الجيش سقط فيها قتلى وجرحى، خرج عندها الملك حسين بن طلال رحمه الله بالبدلة العسكرية، معلنا استقرار الأمن والقضاء على المخرّبين.

نحن شعوب فقيرة تكبّدت الآلام بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر، ولا نستطيع الثقة في السياسة الأميركية التي تبدو غير جادة في القضاء على الإرهاب، وتميّز بين إرهاب الحوثيين وحزب الله والميليشيات العراقية والحرس الثوري الإيراني من جهة، وإرهاب داعش من جهة أخرى.

أسعد البصري

نقلا هم العرب اللندنية

 

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق