داعش غزت بلاد العم سام إلكترونيا

واشنطن – أعلن “المجاهدون الإعلاميون” في تنظيم “دولة الإسلام في العراق والشام” (داعش) الجمعة “بدء غزوة إعلاميّة ضخمة” أطلقوا عليها اسم “جمعة تحذير الشعب الأميركي“.

النفيرُ أعلن صباحا، ليبدأ بعدها القصف التمهيدي في انتظار الساعة الصفر التي حُددت “بعد صلاة الجمعة”، واختير هاشتاغ CalamityWillBefallU ساحة للغزوة على تويتر. يستهدف التحرك الرأي العام الأميركي، برسائل من قَبيل “ستكونون هدفاً لنا أينما كنتم” و”جئناكم بالذبح“.

وضع التنظيم في حسبانه أنّ بعض “الغزاة” قد يصعب عليهم التغريد بالإنكليزية، فوفّر لهم تغريدات جاهزة بلغة شكسبير كـ”سنذبح كل طبيب أميركي يعمل في أي بلد“.

وحفل الهاشتاغ بصور لجنود أصيبوا خلال الغزو الأميركي للعراق. ورغم سخرية بعضهم من الفكرة فإن آخرين “أثنوا” على ذكاء الداعشيين مؤكدين أن ذلك استراتيجية ناجحة.

تساءلت “غارديان” البريطانية مثلا “من يقف وراء إعلام داعش القوي؟”. بيد أن ما تغفله الصحافة في أحيان كثيرة أن تنظيم داعش لا يتمتع بتأييد قوي على شبكة الإنترنت فحسب؛ إنما يوظِّف أيضا استراتيجيات للإعلام الاجتماعي تضخم رسائله.

وقد تزايد عدد المتطرفين من مختلف الانتماءات الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لتجنيد العناصر وبثّ الأفكار الراديكالية وجمع الأموال، ويُعَدُّ تنظيم داعش أحد أمهر الممارسين لهذه الوسائل.

ويتمثل أحد أنجح مشاريع داعش في تطبيق باللغة العربية على تويتر يسمى “فجر البشائر”. والتطبيق، وهو منتج رسمي لداعش، يُعلَن عنه كطريقة للبقاء على اطّلاع على أحدث أخبار الجماعة الجهادية.

وهناك المئات من المستخدمين الذين سجلوا بياناتهم للاستفادة من التطبيق عبر الإنترنت أو هواتفهم الذكية من خلال متجر Google Play. وعند تنزيل التطبيق، يطلب منك التنظيم قدرا كبيرا من البيانات الشخصية.

وبمجرد التسجيل، يبدأ التطبيق في إرسال تغريدات لحسابك؛ وهي تغريدات يقرر مضمونها أحدهم في إدارة وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لداعش.

وتشمل التغريدات وَصْلات، وهاشتاغات، وصورا، ويُغرَّد المحتوى نفسه بواسطة حسابات كل شخص آخر سجَّل نفسه في التطبيق على فترات؛ لتفادي تفعيل خوارزميات تويتر الكاشفة لرسائل البريد المزعج.

وفي بقية الأوقات، يؤدي حسابك على تويتر وظائفه كالمعتاد، بما يسمح لك باستئناف ممارسة أعمالك.

بدأ العمل بالتطبيق على نطاق واسع في أبريل 2014، بيد أن نشاط الإرسال الخاص به تصاعد بحدة أثناء الهجوم الأخير لداعش، حيث بلغ أعلى مستوى على الإطلاق بواقع نحو 40 ألف تغريدة في يوم واحد مع زحف داعش نحو مدينة الموصل الواقعة في شمال العراق الأسبوع الماضي.

وكان حجم تلك التغريدات من الضخامة بحيث كانت أي عملية بحث عن “بغداد” على تويتر كفيلة بإظهار الصورة من بين النتائج الأولى، وهي بالتأكيد إحدى وسائل ترويع أهل المدينة.

ولداعش طريقة أخرى في استخدام حملات هاشتاغ منظمة تسجل فيها الجماعة أسماء المئات، وأحيانا الآلاف من الناشطين لتغريد هاشتاغات على نحو متكرر في أوقات معينة من اليوم بحيث توجه وسائل التواصل الاجتماعي.

ويشوه هذا التوجه نتائج حساب باللغة العربية ذي شعبية على تويتر يُدعى @ActiveHashtags يغرد يوميا أهم الهاشتاغات.

وعندما يقحم داعش الهاشتاغ الخاص به ضمن مجرى @ActiveHashtags، فإن ذلك يفضي إلى ما متوسطه 72 تغريدة مكررة لكل تغريدة، وهو ما يؤدي إلى تزايد شعبية الهاشتاغ ومع تزايد شعبيته، يزداد عدد المستخدمين المعرَّضين لرسائل داعش. كما يدير مؤيدو داعش حسابات مماثلة لحساب @ActiveHashtags تضم حصريا مضمونا جهاديا ويمكنها إنتاج المئات من التغريدات المكررة لكل تغريدة.

ونتيجة لهذه الاستراتيجيات، وغيرها، يتمكن داعش من عرض القوة والترويج للتواصل عبر الإنترنت. فعلى سبيل المثال، يتفوق هاشتاغ داعش باستمرار على الهاشتاغ الخاص بمنافسه الرئيسي في سوريا، جبهة النصرة، وذلك رغم أن لدى التنظيمين العدد نفسه من المؤيدين عبر الإنترنت.

كما يستخدم داعش الهاشتاغات لتركيز رسائل الجماعة ووسم المفاهيم، على نحو أشبه بما تفعله المؤسسات الغربية. فقد ألمح داعش في مطلع هذه السنة، دون تحديد، إلى أنه يخطط لتغيير اسم التنظيم. وعندئذ، روج الناشطون لهاشتاغ مصمَّم بحيث يبدو كمبادرة نابعة من القواعد الدنيا للجماعة، تطلب أن لا يعلن زعيم داعش أبو بكر البغدادي قيام دولة إسلامية في العراق والشام، وإنما الميلاد الجديد للخلافة الإسلامية.

لقد ركزت وسائل الإعلام، وهو أمر منطقي، على استخدام داعش وسائل التواصل الاجتماعي لنشر صور العنف الصارخ، وجذب المقاتلين الجدد، واستقطاب النشطاء المنفردين. بيد أنه من المهم ملاحظة أن هذه الأنشطة تدعمها آلة معقدة على شبكة الإنترنت.

إن داعش يحظى بتأييد معتبر على شبكة الإنترنت؛ لكنه في حقيقته أقل مما قد يبدو. وهو مَدين بجزء كبير من ذلك التأييد لحملة مدروسة من شأنها أن يشعر الخبراء الأميركيون في التسويق لمواقع التواصل الاجتماعي أمامها بالخزي.

 

نقلا عن العرب اللندنية

الوسم : أمريكاداعش

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق