تحرش مزمن في الشوارع الإيرانية

رغم القيود غير المبررة التي يفرضها النظام الإيراني على النساء والفتيات، وإجبارهن على ارتداء الحجاب، مازالت عمليات التحرش بشتى أنواعها تتزايد في المدن الإيرانية وخاصة العاصمة طهران، والأمرّ من ذلك أن الظلم الواقع على المرأة قد حول التحرش إلى اغتصاب بسبب تحميل المرأة خطأ تحرش الرجل بها، وقد أثارت هذا الموضوع مؤخراً صحيفة الغارديان البريطانية التي تحدثت تحت عنوان “كيف تزايد التحرش الجنسي في إيران بسبب الحجاب؟” عن تزايد ظاهرة التحرش الجنسي بالنساء والفتيات في إيران، وفشل الحجاب الذي يفرضه النظام على الفتيات في توفير الحماية الكافية لهن، وحول ذلك أوردت الصحيفة شهادات العديد ممن يتعرضن للتحرش في شوارع طهران بشكل مستمر، كانت تشير في مجملها إلى أن التحرش أصبح الواقع اليومي في حياة أغلب الفتيات في إيران، وأنه لا يفرق بين الملتزمة بالحجاب من غيرها.

انتشار ظاهرة التحرش الجنسي للنساء في الشوراع الإيرانية يبين حقيقة فشل الحجاب في توفير الحماية لهن، ويكشف عن حجم المعاناة التي تتعرض لها النساء في إيران من ضياع للحقوق وهدر للحريات، وقد يصل التحرش في إيران إلى حالة اغتصاب، وخاصة أن النساء تخشى من التبليغ عن حالات التحرش بهن، لأن المؤسسات الحكومية تضع مسؤولية التحرش على الفتاة وليس الشاب، بحجة أن لباسها لم يكن مطابقاً لأنظمة الجمهورية الإيرانية، ولكن العديد من الشهادات التي أدلت بها من تعرضن للتحرش في إيران تؤكد أن هذه الظاهرة تطال كل فتاة سواء كانت ملتزمة بالحجاب أو لا.

تعود أسباب انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في إيران إلى جوانب ثقافية واجتماعية وأخرى قانونية وأخلاقية، تعبر جميعها عن حالة من الاستياء والفراغ الناتج عن عدم توفر فرص العمل، وغياب الوعي الأخلاقي والثقافي في المجتمعات، وعدم وجود عقوبات رادعة نص عليها القانون في حق المتحرشين، لأن من أمن العقوبة أساء الأدب واستمر في أخطائه، أي أن سياسات النظام الحالية هي المساعد الحقيقي لازدياد هذه الظاهرة.

وهذا الموضوع يذكرنا بالفتاة الكردية “فريناز خسرواني” التي انتحرت بسبب تحرش أحد ضباط الاستخبارات الإيرانية بها ومحاولته اغتصابها، وقد خرجت على إثر هذا الحادث مظاهرات حاشدة في مدينة مهاباد شمال غربي إيران، وامتدت إلى باقي المدن الكردية، وعبر المتظاهرون عن غضبهم من سياسات النظام الملالي، وعدم قدرته على حماية الفتيات والنساء، وخاصة عندما يكون المتحرش يعمل في إحدى المؤسسات الأمنية أو العسكرية.

الشابة ريحانية الجباري مهندسة الديكور الإيرانية تعتبر من أبرز ضحايا التحرش الجنسي في إيران، التي قضت في السجن سبع سنوات قبل أن يعدمها النظام الفارسي بعد إدانتها بقتل موظف في الاستخبارات الإيرانية دفاعاً عن نفسها بعدما تحرش بها وحاول اغتصابها، مما أثارت قضيتها حالات من الاستنكار والتعاطف من العديد من الجهات والهيئات في دول العالم، وأصبحت محط اهتمام الرأي العام في العديد الدول.

الأطفال أيضاً لا يسلمون من ظاهرة الشباب المتحرش في إيران، ولا تعتبر ظاهرة الشذوذ الجنسي حديثة العهد في بلاد فارس، بل يعود تاريخها إلى سلاطين وأمراء وعامة الفرس القدامى، وكانت تعرف قديما بــ “مغ بجه” بمعنى الأطفال ما بين 8 إلى 13 عاماً، أي أنها ظاهرة متجذرة في المجتمع الفارسي منذ القدم، واستمرت حتى في عهد النظام الحالي، الذي أثبتت مثل هذه المشاكل وانتشارها في المجتمعات فشل إدارته للبلاد.

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

 

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق