بعد نجاح المقاومة في اليمن … لن تسمح السعودية أن تستباح المنطقة العربية خصوصاً في سوريا

بكل جرأة ووضوح أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير من موسكو بأن الأسد جزء من المشكلة، ولن يكون له مكان في مستقبل سوريا، وهناك اتفاق مع موسكو على الاستراتيجية، وخلاف حول مصير الأسد، لم تأتِ هذه الجرأة لعادل الجبير، إلا بعد النجاحات التي حققتها المقاومة في اليمن، تحت إشراف دول التحالف بقيادة السعودية وأصبح ثلاثة أرباع اليمن محرراً حسب تصريح بحاح نائب رئيس الجمهورية.

ترسل السعودية رسالتين لموسكو ولإيران، بأن السعودية لم تعد تقبل بأن تستباح المنطقة العربية، وكما قال عادل الجبير، إذا لم يقبل بشار الأسد بالحل السياسي وفق جنيف 1، فإن المقاومة العسكرية ستجبره على التنحي، ما جعل المعارضة تبدي ارتياحا للموقف السعودي، خصوصا بعد الترويج الإعلامي بقبول السعودية بخطة روسيا التي تدعو إلى دور شكلي للأسد، وتشكيل حكومة على غرار اتفاق الطائف اللبناني، لكن تصريح الجبير بأن الموقف السعودي لم يتغير، أبطل كافة تلك التسريبات الإعلامية، التي تتعمد إيران وحزب الله تسريبها.

جيش الفتح المدعوم من دول الخليج وتركيا أجبر إيران على اللجوء إلى خطة سياسية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولولا محاصرة المعارضة الفوعة وكفريا التابعتين للنظام في إدلب في الشمال الغربي، لما قبل النظام وإيران التوصل إلى الهدنة في الزبداني بعد محاصرة النظام وحزب الله لها لمدة عامين ومدة الهدنة 48 ساعة.

تدرك المعارضة بأن إيران وحزب الله يمارسان تغييرا ديمغرافيا بين الزبداني والفوعة وكفريا ضمن مخطط قد لا يتنبه له العرب.

يعاني النظام السوري من عدم قدرته على استعادة أية منطقة من المعارضة منذ سنتين، والآن بعد قطع إمدادات النظام المتجهة إلى درعا، بعدما فرضت المعارضة وجعلت الطريق الدولي بين درعا ودمشق منطقة عسكرية، ويدرك النظام أن تحرير درعا من قبل المعارضة، يحدد مصير نظام بشار الأسد، رغم الخطوط الدفاعية التي وضعها النظام، وتحصينها بالمرتزقة الموجودين في درعا للدفاع عنها، وحتى الآن ليس لدى النظام ولا إيران قدرة على الصمود أمام القيادة الجنوبية التي تعتمد على محاور سبعة منها حصار شديد واستنزاف للنظام وللمرتزقة، مع مراعاة سلامة السكان المحليين البالغ عددهم 400 ألف.

قيادة الجبهة الجنوبية هي التي تستطيع رغم بطئها أن تحرر درعا، وهي الآن في مرحلة الحسم، ما أربك خطط النظام وإيران التي تراقب الموقف عن كثب وبدأت تتلقى ضربات في مناطق عدة من المنطقة العربية في اليمن وفي لبنان وسوريا، والآن المظاهرات في العراق خشية أن تخسر نفوذها خصوصا إذا ما دخل العراق في مصالحة وطنية، تعيد للسنة ولبقية الكيانات مكانتهم التي همشها المالكي التي تقود إلى إضعاف المحاصصة التي من خلال تبسط إيران هيمنتها على العراق.

يبدو أن إيران منزعجة من موقف روسيا، رغم أن روسيا تتظاهر بأن موقفها لم يتغير تجاه التخلص من الأسد، لكن حينما يتحدث لافروف عن صحوة العلاقات الروسية السعودية، تعني الشيء الكثير، وبأن روسيا لن تقف أمام تصرف السعودية في سوريا بالتعاون مع تركيا، خصوصا بعدما فرضت تركيا منطقة آمنة شمال سوريا بطول 100 كيلومتر وعمق 50 كيلو متر، وتطالب تركيا بأن تكون منطقة محظور فيها الطيران، رغم أن حظر الطيران لم يطبق حتى الآن، لكن لم يتمكن النظام السوري أن يجرؤ على اختراق تلك المنطقة.

كما أن عادل الجبير أكد على أن نظام الأسد أحد الأسباب الرئيسية في نمو داعش، لأنه لم يوجه سلاحه خلال السنة الأولى ضد تشكيلاتها الإرهابية، بل وجهه نحو شعبه، وبهذا، فإن الأسد، يعتبر انتهى، ومن الأفضل أن يرحل عبر عملية سلمية، حتى لا يتم إرغامه على الرحيل عبر عملية عسكرية، بعد أن فقد شرعيته.

في المقابل يقوم ظريف وزير خارجية إيران في زيارة للبنان ولدمشق، للبحث عن صيغة توافقية تجمع المعارضة والنظام، مستفيدا من الإجماع الدولي، بأن الحل في سوريا سياسي، وليس عسكريا، لكن السعودية ترى أن إيران كما النظام السوري جزءا من المشكلة وليس جزءا من الحل.

لكن تحاول إيران أن تكون جزء من الحل في سوريا، لكنها فوجئت بالتنسيق التركي السعودي في سوريا، ويبدو أن روسيا والولايات المتحدة ستستجيبان للمطالب التركية والسعودية في سوريا، بعيدا عن المطالب الإيرانية، خصوصا بعدما وجدت روسيا في السعودية منقذا من العزلة التي يفرضها الغرب عليه.

د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة

مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق