الثوار وتجليات قصف مطار بغداد الدولي

عندما أصدر “المجلس العسكري العام لثوار العراق” بيانه رقم 14 في يوم الأحد الموافق 2 آذار/مارس 2014، بجعل “مطار بغداد الدولي” من ضمن استهدافاته الصاروخية. وأوضح البيان بشكلٍ جلي، الأسباب الرئيسة وراء الإقدام على هذا الأمر، حيث جاء في مطلع النص الأول ما يلي:

“بعد أن تأكد لنا أستخدام المالكي لمطار بغداد الدولي في إدامة الإسناد القتالي واللوجستي لقواته الظالمة والمليشيات المجرمة، فقد تمّ وضع المطار ومنشآته وساحات وقوف طائراته ضمن الخطة النارية للمجلس العسكري لثوار بغداد”.

ولقد حذر المجلس العسكري في بيانه جميع شركات الطيران الدولية، وأمهلها فترة 24 ساعة من تاريخ إعلان البيان. وبعدها يخلي المجلس مسؤوليته عن أية خسائر وأضرار قد تلحق بها. ومن بين النقاط المهمة الأخرى في البيان هي:

أ- أن ضربات المجلس العسكري ستتكرر، بأعتبار أن موقع المطار سيصبح منطقة عمليات قتالية.

ب- التأكيد للشعب العراقي بأن المجلس العسكري ماضٍ بنهجه بعدم استهداف أية منطقة سكنية.

ج- تلبية الثورة لنداء الشعب المتطلع للخلاص والحرية.

د- حماية هذا الشعب والذود عن شرفه وكرامته هو أمانة في أعناق الثوار.

وما إن أنتهت المهلة الزمنية القصيرة التي حددها “المجلس العسكري العام لثوار العراق”، حتى هطلت مساءً حمم 26 صاروخاً بجحيم نيرانها المستعرة على “مطار بغداد الدولي”. حيث ارتفعت أصوات الانفجارات تدوي في أرجاء المطار. وكما شرح الناطق العسكري للمجلس على شاشة العمليات، أن الأهداف تمحورت في ثلاثة مراكز: المدرج الرئيسي لهبوط الطائرات، وصالة الأستقبال، وطائرات سمتية كانت جاثمة. وفي هذا العمل العسكري المميز تتجلى لنا عدة أمور من بينها:

أولاً: إنّ القدرة في الضربة الصاروخية المكثفة بالقدر الذي تثبت فيه قوة الثوار في التحذير والتنفيذ؛ تثبت أيضاً العقلية العسكرية الصناعية التي هي امتداد متجلٍ للجيش الوطني العراقي السابق. ذلك الجيش الباسل الذي تشكلت منه معظم فصائل المقاومة الوطنية المسلحة، التي ألحقت هزيمة ميدانية بقوات الإحتلال الأمريكي، وأجبرته على الهروب تحت غطاء الانسحاب الرسمي المزعوم قبل نهاية 2011. إنه ذلك الجيش البطل الذي تجرع بسببه خميني السّم الزُعاف في 1988.

ثانياً: إنّ هذه الضربة الصاروخية لموقع “مطار بغداد الدولي” هي نوعية ومهمة. فمن جهة تكشف للعالم السلوكية الإجرامية عند رئيس حكومة الإحتلال الخامسة نوري المالكي الذي يستخدم مطاراً مدنياً لأغراض عسكرية قتالية ضد أبناء شعبه الثائر. ومن جهة أخرى تمنع شركات الطيرن الدولية بالقدوم عبر مطار بغداد، مما يؤثر سلباً على وضعية المالكي في المحافل الدولية.

ثالثاً: إنّ عبارة التوكيد على “إنّ ضرباتنا ستتكرر” تجاه المطار، فيها احتمالية مفتوحة التوقعات. خصوصاً وأنّ سماء العراق تديره فنياً “إدارة أمريكية”، وتتحكم بأجوائه المدنية والعسكرية عند دخول أو خروج الطائرات العراقية والأجنبية. وبذا نتوقع دنو نهاية السيطرة الأمريكية على سماء العراق.

رابعاً: إن ضرب “مطار بغداد الدولي” يعكس تحكُم المجلس العسكري في اختيار أولوليات أهدافه، وإنّ تحديده للمكان والزمان في التحذير والتنفيذ يعكس أيضاً مدى سيطرته الميدانية. إذ إنّ الفلسفة القتالية منذ إنطلاقة ثوار العشائر العربية، التي تتجلى فيها القيادة العسكرية، التي خططت سابقاً لمبدأ “اضرب واهرب”، وأثمرت نجاعتها في قوات الاحتلال الأمريكي، فإنها الآن تطبق مبدأ “أُعذر مَنْ أنذر”. إنها دالة القوة بمكوناتها التسليحية والقتالية والأستخبارية والإعلامية.

خامساً: إنّ إدخال “المجلس العسكري العام لثوار العراق” موقع “مطار بغداد الدولي” بين المناطق القتالية المفتوحة الهجمات، يعني أنّ اقتراب ساعة التحرير قد أزفت أكثر من أي وقت مضى. كما وأنّ منطق الأحداث الميدانية اليومية الجارية منذ أكثر من شهرين في المحافظات الثائرة، تؤكد حتمية هذا الاقتراب التحرري بعونه الله تعالى.

د. عماد الدين الجبوري

كاتب وباحث عراقي

 خاص بمركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث

الوسم : العراق

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق