الأفغان في عهدة إيران

لم يعد لافتاً في المشهد السوري وجود مقاتلين أفغان، في مهمة الدفاع عن نظام بشار الأسد وتنفيذ الأوامر الإيرانية، بعد أن جلبهم الحرس الثوري إلى سورية، في بادئ الأمر، ضمن ميليشيا أبو الفضل العباس، لكنهم ما لبثوا أن شكلوا تنظيما قتاليا أطلقوا عليه لاحقا لواء “الفاطميون”.
لواء “فاطميون”، ميليشيا شيعية مسلحة يتجاوز عدد عناصرها 4 آلاف مقاتل، يحارب في سورية منذ عام 2012، إلى جانب ميليشيات شيعية طائفية إرهابية أخرى في عهدة إيران، مثل حزب الله اللبناني وفيلق بدر العراقي.
بعد مقتل القيادي الأفغاني في لواء فاطميون، علي حسيني عالمي، والملقب بـ”أبوسجاد” في الأسبوع الماضي، وقبله مقتل قائد اللواء علي رضا تافسولي في جنوب سورية، سُلّطت الأضواء مجدداً على تجنيد إيران للأفغان، وطرق نقلهم من بلادهم وتسهيل دخولهم إلى سورية، وإعدادهم، ووسائل استغلال إيران فقراء الشيعة من غير العرق الفارسي، إضافة إلى تأسيسها فرع “حزب الله” في أفغانستان، بهدف زرع المزيد من الألغام في الجسم الأفغاني الجريح جراء الحروب والإرهاب!
لواء “فاطميون” الأفغاني- الإيراني، جرى تدريب مقاتليه وتسليحهم من قبل فيلق القدس، ذراع الحرس الثوري الإيراني، بهدف التدخل العسكري وتنفيذ تفجيرات وعمليات قتالية في سورية وغيرها. وبحسب التقارير الإعلامية ينحدر معظم عناصر اللواء من الجنسية الأفغانية من مدينة هرات، وينتمون لطائفة الشيعة الهزارة (تتحدث الفارسية)، ما جعل إيران تستغل معاناتهم الإنسانية وفقرهم وبؤسهم، وتعمل على تجنيدهم بطرق سرية ثم تنقلهم لمناطق الصراع في سورية والعراق وربما اليمن.
في 22 مايو من العام الماضي، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الحرس الثوري الإيراني يقوم بتجنيد اللاجئين الأفغان للقتال في سورية، ويعدهم برواتب شهرية تبلغ 500 دولار. لافتة إلى أن تجنيدهم يتم للتعويض عن الخسائر التي تلحق بعملاء “الحرس الثوري” و”حزب الله” في سورية.
لا شك أن دوافع انضمام هؤلاء الأفغان ليس عقدياً بحتاً، بل بعضها بسبب الاضطهاد والبطالة والفقر المدقع في بلادهم، وهو ما سهل على إيران استغلال ظروفهم الإنسانية، مقابل إغراء عائلاتهم الفقيرة بدفع مبالغ شهرية زهيدة لها. كما تشير مصادر إعلامية أخرى إلى أن إيران تجند الأفغان من خلال المدارس الشيعية والمراكز الاجتماعية التي تمولها في أفغانستان، ومنها جامعة خاتم النبيين في كابول، إضافة إلى مراكز للتجنيد في بايمان وسط البلاد وفي مدينة حيرات بالقرب من الحدود الإيرانية، بالتزامن مع تعبئة طائفية على فضائيات شيعية أفغانية ممولة من إيران.
الأسبوع الماضي، كشفت الإذاعة السويدية، في تقريرٍ لها أن ما يقارب 11 ألف لاجئ أفغاني أغلبهم دون سن الثامنة عشرة، هربوا من إيران ووصلوا إلى أوروبا، خوفاً من أن تجندهم إيران في حروبها طوعاً أو قسراً، والزج بهم في سورية للقتال إلى جانب قوات الأسد. وتشير التوقعات إلى أن عدد اللاجئين الأفغان في إيران يصل إلى مليوني لاجئ.
لدى طهران سِجل حالك السواد من حيث استغلال الشيعة سواء من العرب أو الأفغان والتأثير عليهم بالمال وبمركزها الديني والتاريخي، والأمثلة على ذلك كثيرة!
لم تكتف إيران بدخول صراعات ونزاعات عدة مع العالمين العربي والإسلامي من أجل تنفيذ مشروعها التوسعي وتفجير الاحتقان الطائفي والمذهبي في بلدان عدة، بل مستمرة في الدفع بالشيعة حطبا لنيران حروبها الخاسرة، ما يتوجب على الشيعة العرب بشكل خاص، رفع الصوت ومواجهة سياساتها ومخططاتها الإجرامية والتحذير منها كما يفعل العراقي الوطني الشيخ السيد الصرخي، ورجال الدين اللبنانيون الشرفاء: محمد علي الحسيني وعلي الأمين وصبحي الطفيلي والراحل هاني فحص.
لن يجني الشيعة العرب من المشروع العنصري الفارسي إلا الدمار وخراب علاقاتهم ببلدانهم، فهو لا يحل في بلاد إلا وشوهها وفكك وحدتها ولحمة مواطنيها، كما يحدث في العراق واليمن ولبنان وسورية، خصوصاً وهم يشاهدون كيف تتعامل معهم بدونية وعنصرية، وكيف تعلق المشانق للعرب الأحواز أسبوعياً!
الأحقاد والغطرسة والكراهية للعرب، ستأخذ إيران نحو الجحيم والمزيد من العزلة، ولن تبلغ ما تسعى إليه مهما حشدت من الميليشيات والعصابات وطوابير المرتزقة، ومهما دفعت من الأموال وشحنت من الأسلحة، خصوصاً أن المواطن العربي أصبح أكثر وعياً بالمخططات الفارسية بعد انفضاح نيات ميليشياتها مثل حزب الله والحوثي، كما أن نسبة الشيعة في العالم الإسلامي لا تشكل أكثر من 10%، وغالبيتهم ضدها من أذربيجان إلى لبنان!
الأكيد أن إيران لن تربح المعركة في سورية، مهما جندت في حروبها من لواء الفاطميين أو حزب الشياطين، وبشار لن يبقى للأبد مهما فعلت لتجنيب رأسه شفرة الحلاق، وما يحدث هو كسب عداوات واستنزاف طاقات الشعب الإيراني، ولن تبقى النيران خارجها بل ستمتد إلى داخلها ولو بعد حين، خصوصاً أن اقتصادها يترنح و15 مليون نسمة من سكانها تحت خط الفقر، والبطالة ترتفع سنوياً بين شبابها بحسب صحيفة ابتكار الإيرانية، والعرقيات غير الفارسية تنتظر لحظة الانقضاض لإسقاط حكم “الولي الفقيه”!

نقلاً عن الوطن أون لاين

جميل الذيابي                    

 

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق