إيران و«داعش».. أيهما الأخطر؟!

هل نكون مبالغين إذا تساءلنا أيهما أشد خطراً على الأمن العربي: إرهاب إيران أم إرهاب جماعة تنظيم «داعش»؟!

في الإجابة على ذلك السؤال، ندرك أن هناك انقساماً في الآراء حول حقيقة الخطر الذي تمثله إيران على الدول العربية، فإذا كان هناك من يعتقد أنها أشد خطراً من أي تنظيم إرهابي، بما في ذلك «داعش»، فإن الذين عملوا على إعادة التاريخ الإسلامي قروناً إلى الوراء، ببشاعتهم في قطع الرؤوس وترويعهم للأقليات، هناك في المقابل من يرفض حتى مجرد وضع إيران ضمن سيناريوهات لمقارنة حجم المخاطر التي تهدد الدول العربية؛ مرة لكونها دولة جارة وتربطنا معها حدود جغرافية، ومرة لأنها دولة إسلامية عندما تأتي المقارنة مع إسرائيل!

ومع أن مثل ذلك السؤال بات يعتبر من الأسئلة «التقليدية» في المنتديات الفكرية العربية وبين الناس، خاصة في تلك الدول التي تواجه الخطرين الإيراني و«الداعشي»، إلا أن إعادة طرحه خلال منتدى «حوار المنامة» الذي جرى مؤخراً بعد تصريحات وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة يوم السبت الماضي، والتي اعتبر خلالها أن الخطر الإيراني لا يقل عن خطر «داعش»، دليل على أن دوائر السياسة الدولية هي الأخرى ليست بعيدة عن التفكير في الخطرين، رغم أنهما في منطقة جغرافية تعتبر بعيدة عنها.

وبحسب المعلومات المتعارف عليها في تاريخ التعامل الإيراني مع الحركات المتطرفة التي ظهرت في المنطقة، فإن إيران لم تكن ضدها قطعاً، بل تعاملت معها واستفادت منها في إزعاج دول المنطقة وفي تحقيق أهدافها. فقد تعاملت ولا تزال تتعامل مع حركة «طالبان»، وذلك بهدف إرسال إشارات إلى القوى الدولية حول قدرتها على إدارة ملفات المنطقة، كما أنها استضافت العديد من قيادات تنظيم «القاعدة» وساومت عليها الدول الكبرى وباقي دول المنطقة، ومع ذلك ظل النظام الإيراني يروج إعلامياً لقلقه من هذه التنظيمات، رغم أنها لم تمس إيران بأي سوء، ولم نسمع عن أي عملية ضدها أو ضد مواطنيها في إشارة لها دلالتها السياسية فيما يمكن تفسيره على أنه «علاقة خاصة» بين إيران وبين هذه التنظيمات التي لم يكشف سرها حتى الآن.

دخول إيران في الحرب ضد «داعش» لم يبدد القلق لدى دول المنطقة أو حتى دول العالم الأخرى المدركة لطبيعة النظام الإيراني في طريقة إدارته للملفات المقلقة في المنطقة، وهو ما يرجح كفة أن كلا الخطرين لا تقديم لأي منهما على الآخر في أولوياتنا الاستراتيجية.

ينبغي علينا ونحن نتابع السياسة الإيرانية عدم تجاهل «عبقرية» نظامها في تشويه بعض الصورة لدى الرأي العام. إذ قد يبدو للبعض، خطأً، أن مشاركة إيران في الحرب ضد «داعش» دليل على نية إيران في التخلص من هذا الخطر، وأن الاختلاف المذهبي بين إيران و«داعش» يبرر عداءها ضد هذا التنظيم. فهذا الاعتقاد حجب عن الكثير من المحللين في العالم إمكانية التدقيق في حقيقة أن إيران هي المستفيد الأول مما تفعله «داعش»، خاصة أن بشاعة جرائم التنظيم صرفت الاهتمام الإعلامي العالمي عما تقوم به إيران في كل من العراق وسوريا من ممارسات وأفعال.

بالعودة إلى سؤالنا الرئيسي، تبقى نظرتنا الاستراتيجية ناقصة إذا بقينا ننظر إلى إيران على أنها دولة جارة جغرافياً وبالتالي فهي لا تمثل تهديداً لنا، بل إن رفض مقارنة تهديدها للاستقرار في دولة مع التهديد الإسرائيلي يعتبر خصماً من التفكير المنطقي، على اعتبار أن المسائل السياسية لا تقاس بمعايير كهذه.

ليس خافياً على متتبعي العلاقة بين أبناء المنطقة بمختلف مذاهبهم وطوائفهم أن سياسيي إيران بعد الثورة عام 1979 تذكروا أنهم شيعة أكثر من أنهم مسلمون، وبالتالي ركزوا في سياستهم على التدخل في الشؤون العربية من هذا الباب. وتذكروا أنهم فُرس ولهم علاقة بالتاريخ المجوسي أكثر من كونهم جيراناً لدول عربية. وأن هذا الخليج فارسي وليس عربياً أو إسلامياً. لقد تداخل ما هو ديني بما هو سياسي، وهذا ما يسعى إليه نظام الملالي في سبيل سيطرة إيران على المنطقة.

وإذا ما ناقشنا الموضوع بشكل أعمق فإن التركيز على خطر «داعش» دون توضيح مكاسب إيران منه ودورها فيه لا يعني سوى حرف الانتباه عما تمثله إيران من خطر.

 

نقلاً عن الاتحاد

بقلم: محمد خلفان الصوافي

شارك هذا المقال

لا توجد تعليقات

أضف تعليق